الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من أفطر في رمضان لعذر شرعي أن يقضي ما أفطره، قال الله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة:184}.
والقضاء يستحب تعجيله، ولا يجب إلا إذا لم يبق من شعبان إلا قدر ما يسعه، فعند ذلك لا يجوز تأخير القضاء؛ لما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان يكون علي الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان.
وعليه؛ فإن كان تأخيرها لقضاء تلك العشرين يوما لعذر معتبر؛ فلا فدية عليها، وإنما يلزمها القضاء فقط متى ما قدرت عليه. والمبادرة إلى ذلك عند القدرة مستحبة خشية العوارض التي قد تحول بينها وبين القضاء.
وأما لو كانت فرطت بأن قدرت على القضاء قبل رمضان، فلم تقض؛ فعليها الفدية، وهي إطعام مسكين عن كل يوم أخرت قضاءه في قول الجمهور.
وأما الحنفية؛ فلا تلزم عندهم الفدية لتأخير القضاء أصلًا، قال الحصكفي في الدر المختار: ولو جاء رمضان الثاني قدم الأداء على القضاء، ولا فدية لما مر؛ خلافًا للشافعي. انتهى.
والقول في تأخير قضاء العشرين يوما يقال مثله في الثلاثين يوما التي أفطرتها بسبب الحمل والرضاع، إذ يجب قضاؤها في قول الجمهور، وإذا فرطت المرأة في قضائها حتى دخل عليها رمضان آخر، فتلزمها الفدية بعدد الأيام التي في ذمتها.
وأما لو كان لها عذر في تأخير القضاء؛ فلا فدية عليها.
قال في مغني المحتاج: فإن لم يمكنه القضاء لاستمرار عذره، كأن استمر مسافرا، أو مريضا، أو المرأة حاملاً، أو مرضعة حتى دخل رمضان؛ فلا فدية عليه لهذا التأخير، لأن تأخير الأداء بهذا العذر جائز، فتأخير القضاء أولى. انتهى.
ولمعرفة مقدار الفدية انظر الفتوى: 426190.
هذا فيما يتعلق بتأخير القضاء إلى دخول رمضان، وفي شأن الفطر بسبب الحمل أو الرضاع، وهل تترتب عليه فدية أو لا؟ انظر الفتوى: 113353.
والله أعلم