الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس للمسلم مقابلة الشماتة بمثلها؛ لأنها من الأخلاق المذمومة، وإظهارها محرم؛ لما رواه الترمذي عن واثلة بن الأسقع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك.
إلا إذا كان الفرح والشماتة به لأجل انكفاف شره، وانقطاع ضرره؛ فهذا لا بأس به.
قال المناوي: لا تظهر الشماتة بأخيك... وهي الفرح ببلية من تعاديه، أو يعاديك (فيرحمه الله) رغما لأنفك، وفي رواية: فيعافيه الله (ويبتليك) حيث زكيت نفسك، ورفعت منزلتك، وشمخت بأنفك، وشمت به. قال الطيبي: ...أخذ قوم من هذا الخبر أن في الشماتة بالعدو غاية الضرر، فالحذر الحذر. نعم أفتى ابن عبد السلام بأنه لا ملام في الفرح بموت العدو من حيث انقطاع شره عنه، وكفاية ضرره. انتهى
والمحرم من ذلك -كما في الحديث- هو إظهار الشماتة، وأما مجرد وقوع شيء من ذلك في القلب دون إظهار له بفعل أو قول؛ فلا يؤاخذ به الشخص؛ لأنه لا سلطان له على ما يقع في قلبه، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها. وإنما يحاسب على ما يستطيع فعله من التمادي مع ذلك الشعور بإظهار الشماتة والفرح.
وقد بوب النووي في رياض الصالحين بابًا فقال: النهي عن إظهار الشماتة بالمسلم. قال شارحه ابن علان: ... واحترز بقوله "إظهار" عن الفرح الباطني، فإن طبع الإِنسان، الفرح بلحاق المصيبة لمن يعاديه وينافيه، إلا من طهره الله من ذلك. انتهى
ولمزيد من الفائدة يرجى النظر في الفتوى: 353881.
والله أعلم.