الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان أبوك هو الهاجر لأمك، والتارك لها معلقة، لا بأيِّم ولا بذات زوج؛ فقد أتى أمرا منكرا، فهو مطالب شرعا بأن يمسك بالمعروف، ويؤدي لأمك حقوقها عليه، أو أن يفارق بإحسان، كما قال تعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ {الطلاق:2}.
وكون أمك في هذه السن ليس بمانع لها شرعا من الزواج، ولكن ما يمنعها من الزواج كونها لا زالت في عصمة أبيك، فلا يصح، ولا يجوز لها الزواج، ولا التعرض للخطاب، حتى يطلقها أبوك، وتنتهي عدتها منه.
وقد دل على منع المتزوجة من الزواج قول الله تعالى عند ذكر المحرمات من النساء قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ {النساء:24}، أي: المتزوجات. لكن مجرد التفكير في أمر الزواج بعد الطلاق، وانتهاء العدة؛ لا مؤاخذة عليه.
وينبغي أن تسعي في سبيل الإصلاح بين أبيك وأمك، وأن تكثر من دعاء الله -عز وجل- أن يوفق بينهما، والاستعانة ببعض أهل الخير والصلاح، فإن تيسر الإصلاح بينهما؛ فذاك، وإلا؛ فإن رغبت أمك في فراق أبيك لتتزوج، أو لتتفرغ لشؤونها؛ فلا حرج في مساعدتها في سبيل ذلك، ورفع الظلم عنها.
وإن لم يستجب لها في طلبها الطلاق، فلترفع أمرها للجهات المختصة في النظر في قضايا الأحوال الشخصية.
أما قولك: هل يجوز أن تفكر والدتي بالزواج، وهي ما زالت متزوجة؟ فالجواب: أن تفكيرها بالزواج إن كان المقصود به هو التشوف له، والتهيؤ بالإعداد له بالسعي المباح فيه بالانفصال عن زوجها المذكور؛ فلا حرج عليها فيه.
والله أعلم.