الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي ضوء ما ذكرته السائلة، لا نرى أنه يلزمها شيء في موت هذا المولود؛ لأنها كانت حديثة التخرج، وليست هي المسئولة عن القسم، ولا هي صاحبة قرار إزالة أدوية وأجهزة الإنعاش عنه.
والحكم على موت المريض بأنه من قتل الخطأ، يحتاج ثبوته إلى حكم أهل الخبرة بأن سبب موته هو إهمال الطبيب، أو تقصيره في أداء واجب المهنة.
ومن المقرر أن الأصل براءة الذمة حتى تعمر بيقين، وهذا ليس بحاصل في حال السائلة.
قال ابن حزم في المحلى: إن شكت أمات من فعلها أم من غير فعلها؟ فلا دية في ذلك، ولا كفارة؛ لأننا على يقين من براءتها من دمه، ثم على شك أمات من فعلها أم لا؟ والأموال محرمة إلا بيقين ... اهـ.
وقال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: لو شك هل لزمه شيء من ذلك، أو لزمه دين في ذمته ... فلا يلزمه شيء من ذلك؛ لأن الأصل براءة ذمته، فإن الله خلق عباده كلهم أبرياء الذمم والأجساد من حقوقه وحقوق العباد، إلى أن تتحقق أسباب وجوبها. اهـ.
وقال الجويني في غياث الأمم: كل ما أشكل وجوبه، فالأصل براءة الذمة فيه، كما سبق في حقوق الأشخاص المعينين، فهذا منتهى المقصود فيما يتعلق بالأملاك من المعاملات، والحقوق الخاصة والعامة. اهـ.
هذا؛ مع مراعاة أن رفع أجهزة الإنعاش عن المريض يجوز في بعض الأحوال، سبق لنا بيانها في الفتوى: 176419.
وتقدير ذلك وتنزيله على الواقع يرجع فيه لأهل الاختصاص من الأطباء.
والله أعلم.