الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فصفة الغسل من الجنابة بصفة كاملة فصلها ابن قدامة في المغني حيث قال: الكامل يأتي فيه بعشرة أشياء: النية، والتسمية، وغسل يديه ثلاثا، وغسل ما به من أذى، والوضوء، ويحثي على رأسه ثلاثاً يروي بها أصول الشعر، ويفيض الماء على سائر جسده، ويبدأ بشقه الأيمن ويدلك بدنه بيده، وينتقل من موضع غسله فيغسل قديمه، ويستحب أن يخلل أصول شعر رأسه ولحيته بماء قبل إفاضته عليه، قال أحمد: الغسل من الجنابة على حديث عائشة وهو ما روي عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه ثلاثاً وتوضأ وضوءه للصلاة ثم يخلل شعره بيده حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ثم غسل سائر جسده. متفق عليه.
وعليه؛ فهذه هي صفة الغسل من الجنابة فينبغي لك أن تقتصر عليها وتدع ما يدور في ذهنك من وساوس بكونك تركت شيئاً من أعضاء الوضوء مثلاً، ثم إنه لا داعي لإعادة الغسل وتكرار فتح حنفية الماء، بل كل ذلك راجع إلى الوساوس والشكوك التي تدور في نفسك، ولا علاج لها إلا الإعراض عنها إعراضاً كاملاً وعدم الاستجابة لها، وذلك بالإضافة إلى الاستعانة بالله تعالى والاستعاذة به من كيد الشيطان الذي يحاول إفساد عبادتك وإدخال الحزن إلى قلبك، فالوسوسة من مكايد الشيطان، ففي مسند الإمام أحمد عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة.
وحاصل الأمر أنك تقوم بأداء غسل الجنابة حسب الصفة الكاملة التي ذكرنا، ويكفيك فتح الحنفية مرة واحدة حتى تكمل غسلك إلا إذا كانت المصلحة في إغلاقها لعدم الحاجة إليها، ولا داعي لإعادة الغسل مرة أخرى كما لا يلزمك غسل جسدك بالماء والصابون قبل غسل الجنابة.
ولتكن على علم بأن ما تشعر به من وساوس لا علاج له إلا الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم إضافة إلى الدعاء واللجوء إلى الله تعالى وإلزام النفس بالإعراض عن تلك الوساوس، كما ننبهك إلى ضرورة الاستفادة من الفتاوى المحال عليها فإنها مشتملة على تفصيل الحكم في المسألة وما فيها من أحكام شاملة للجميع بما فيها حالتك أنت، ولا بأس أن نحيلك فيما يتعلق بعلاج الوسوسة إلى الفتوى رقم: 10355.
والله أعلم.