الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر لوالدكم، ويحسن عزاءكم، ويأجركم في مصيبتكم، وأن يجعل سبب وفاته شهادة له، فقد جاء في حديث الصحيحين، وغيرهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ، وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
كما أنا نرجو أن يكون ما كان يقوم به من ذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن، والعمرة.. سببا في رحمته، ودخوله الجنة؛ قال صلى الله عليه وسلم: وَعَلَيْكَ بِذِكْرِ اللهِ، وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ رَوْحُكَ فِي السَّمَاءِ، وذِكْرٌ لكَ فِي الْأَرْضِ. رواه أحمد في المسند، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وأما عن الصلاة: فأمرها عظيم، ولا يحل التفريط فيها، ما دام الشخص يتمتع بعقله - على أي حال كان، أو في أي مكان - فيجب عليه أن يؤديها على الحالة التي يستطيع أداءها بها، كما ذكرنا في الفتوى: 71385.
وما دام ـ عليه رحمة الله تعالى ـ لا يتحكم في بوله، فنرجو أنه قد قضى الصلاة التي تركها في المستشفى، وطهر ما يستطيع، وتيمم عند العجز عن الوضوء لمشقته، أو صعوبته عليه، وصلى حسب استطاعته، فإن صلاته صحيحة ـ إن شاء الله تعالى ـ فدين الله يسر، والمشقة تجلب التيسير؛ قال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة:286}. وقال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}.
وقال خليل المالكي في المختصر: وعفي عما يعسر.
وأما المشقة العادية التي يستطيع الشخص تحملها؛ فإنها لا تسقط الوضوء، كما بينا في الفتوى رقم: 42167.
وعلى كل حال، فإن الذي ينبغي أن تعملوا لوالدكم الآن هو كثرة الدعاء، والاستغفار له، والصدقة عنه، وإنفاذ وصيته، وإكرام صديقه، وصلة رحمه؛ فقد روى مسلم في صحيحه أن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ.
والله أعلم.