الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على الحلال وحذرك من الحرام، والمؤمن مأمور بتحري الحلال الطيب، والبعد عن المحرم الخبيث، فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً {المؤمنون: 51} وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم {البقرة: 172} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟.
وأما ما سألت عنه: فجوابه أن شهادة الاستثمار ذات العائد الثابت المضمون، من الربا المحرم، وعدم علمك بتلك الشهادة الربوية، ينتفي معه الإثم، ولكن كان يجب عليك إلغاء هذه الشهادة، إن كان ممكناً، ولا تنتظر انتهاء مدتها. وأما الأرباح التي حصلت عليها بعد علمك بحرمة شهادة الاستثمار هذه، فيجب عليك التخلص منها، وذلك بالتصدق بها على الفقراء، أو في مصالح المسلمين.
وأما ما مضى من الأرباح قبل علمك بهذه الشهادة الربوية؛ فالأحوط أن تتخلّص منه أيضا في وجوه الخير، وألا تنتفع بها مالم تكن فقيرا محتاجا إليها.
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن من دخل في عقد ربوي جاهلًا بحرمته، له أن ينتفع بما كسبه منه، وهو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقد جاء في الفروع: واختار شيخنا فيمن كسب مالًا محرمًا برضا الدافع ثم تاب - كثمن خمر، ومهر بغي، وحلوان كاهن - أن له ما سلف للآية - يعني قوله تعالى: "فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ" {البقرة:275} - ولم يقل الله: فمن أسلم ولا من تبين له التحريم. اهـ وانظر الفتوى: 330985 .
والله أعلم.