الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن تحريك الأموال بالصورة التي ذكر السائل لا حرج فيه، لكن هل يترتب عليه سقوط الزكاة عن من يمارسه من التجار أم لا يسقط؟
والجواب: أن ما كان غير مُعَدٍّ للبيع كالفنادق ونحوها لا تجب في أصله الزكاة، وانظر الفتوى: 136400.
وأما معامل إنتاج الحليب والعصائر؛ فما فيها من المواد الخام، والحليب، والعصائر فهو من عروض التجارة. وراجع الفتوى: 75401.
وكذا المحال التجارية؛ فإن ما فيها من البضائع هو من عروض التجارة، وعروض التجارة تجب فيها الزكاة، وحولها هو حول الأصل الذي اشتريت به، فمن كان عنده مال، ثم اشترى به قبل حولان الحول عرضا للتجارة، فإن زكاته واجبة من حين ملك هذا المال، ولا ينقطع الحول بشراء ذلك العرض، وانظر الفتوى: 352996.
وعليه؛ ففي كثير من الصور المشار إليها في السؤال، فإن الحول لا ينقطع، وتجب الزكاة.
وأما إذا اشترى قبل حولان الحول عرضا للقنية ليفر من الزكاة؛ كأن اشترى بيوتا ليؤجرها، أو غير ذلك؛ فإن الزكاة لا تسقط عنه على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأن المحتال يعاقب بنقيض قصده، فتجب عليه زكاة هذا المال الذي باعه فرارًا من الزكاة.
قال البهوتي في شرح الإقناع: وَمَتَى قَصَدَ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا تَقَدَّمَ كَإِتْلَافٍ (الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِ الْحَوْلِ حَرُمَ وَلَمْ تَسْقُط) الزَّكَاةُ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} [القلم: 17]- الْآيَاتِ فَعَاقَبَهُمْ اللهُ تَعَالَى بِذَلِكَ، لِفِرَارِهِمْ مِنْ الزَّكَاةِ وَلِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ إسْقَاطَ حَقِّ غَيْرِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ كَالْمُطَلِّقِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَقَوْله: بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِ الْحَوْلِ: هُوَ مَا صَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَفِي الْمُقْنِعِ: عِنْد قُرْبِ وُجُوبِهَا وَفِي الرِّعَايَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمَيْنِ وَقِيلَ: أَوْ بِشَهْرَيْنِ، لَا أَزْيَد قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْهَا لَا تَسْقُطُ مُطْلَقًا أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى. انتهى.
والله أعلم.