الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الأخ الذي تعهد بسداد دين أخيه، قد أحسن إلى أخيه بذلك، ولا يعتبر هذا التعهد ضمانا، للجهل بمقدار الدين وأصحابه، فيما ذهب إليه بعض أهل العلم.
قال الماوردي في الحاوي الكبير: لا يصح ضمان المال حتى يكون واجبا معلوما، ولا يصح ضمان ما لم يجب، ولا ما كان مجهولا. انتهى.
وقال الشيرازي في المهذب: ولا يجوز ضمان المجهول، لأنه إثبات مال في الذمة، بعقد لآدمي مع الجهالة، كالثمن في البيع. انتهى.
وعلى هذا القول: فالدين المذكور لا يلزم الأخ سداده.
وعليه؛ فهل له أن يسدده من مال الزكاة أم لا؟ والجواب أن الفقهاء اختلفوا في حكم قضاء دين الميت من الزكاة على قولين: فذهب الحنفية، وهو قول الشافعية، ورواية للحنابلة هي المذهب ـ إلى أنه لا تعطى الزكاة في قضاء دين الميت، قال أحمد فيما نقله ابن قدامة في المغني: لا يقضى من الزكاة دين الميت... وقال أيضا: يقضى من الزكاة دين الحي، ولا يقضى منها دين الميت؛ لأن الميت لا يكون غارما. انتهى.
وذهب المالكية، والشافعية في قول آخر، والحنابلة في رواية، وهو اختيار ابن تيمية إلى أنه لا بأس أن يقضى من الزكاة دين الميت الذي لم يترك وفاء، إن تحققت فيه شروط الغارم، بل قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: بل قال بعضهم: دين الميت أحق من دين الحي في أخذه من الزكاة، لأنه لا يرجى قضاؤه، بخلاف دين الحي. انتهى.
والراجح عندنا هو القول الثاني، وهو جواز سداده من الزكاة، كما سبق أن بينا في الفتوى: 9111، فراجعها لمزيد من الفائدة.
والله أعلم.