الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاقتباس من نصوص الوحي ـ القرآن، والسنة ـ اختلف فيه العلماء؛ فأجازه الجمهور، إن كان لمقصد حسن، موافق للشرع، ومنعوه إن كان لمقصد فاسد.
جاء في الموسوعة الفقهية: يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ جَوَازَ الاِقْتِبَاسِ فِي الْجُمْلَةِ، إِذَا كَانَ لِمَقَاصِدَ لاَ تَخْرُجُ عَنِ الْمَقَاصِدِ الشَّرْعِيَّةِ، تَحْسِينًا لِلْكَلاَمِ، أَمَّا إِنْ كَانَ كَلاَمًا فَاسِدًا، فَلاَ يَجُوزُ الاِقْتِبَاسُ فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ.
وجاء في الإتقان للإمام السيوطي: وَفِي شَرْحِ بَدِيعِيَّةِ ابْنِ حُجَّةَ: الِاقْتِبَاسُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مَقْبُولٌ، وَمُبَاحٌ، وَمَرْدُودٌ.
فَالْأَوَّلُ: مَا كَانَ فِي الْخُطَبِ، وَالْمَوَاعِظِ، وَالْعُهُودِ.
وَالثَّانِي: مَا كَانَ فِي الْقَوْلِ، وَالرَّسَائِلِ، وَالْقِصَصِ.
وَالثَّالِثُ: عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا نَسَبَهُ اللَّهُ إِلَى نَفْسِهِ - وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِمَّنْ يَنْقُلُهُ إِلَى نَفْسِهِ ـ كَمَا قِيلَ عَنْ أَحَدِ بَنِي مَرْوَانَ أَنَّهُ وَقَّعَ عَلَى مُطَالَعَةٍ فِيهَا شِكَايَةُ عُمَّالِهِ: إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ.
وَالْآخَرُ تَضْمِينُ آيَةٍ فِي مَعْنَى هَزْلٍ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ... قُلْتُ: وَهَذَا التَّقْسِيمُ حَسَنٌ جِدًّا، وَبِهِ أَقُولُ. انتهى.
والمثال المذكور يمكن تصنيفه في القسم الثاني المباح في القول، والرسائل.. لو كان سليم المعنى، لكنه لا يصح معنى؛ لأنه لا ينطبق على المعنى المقصود؛ فالرسالة ليست من سليمان، ولذلك فهي كذب، أو عبث، أو هزل، أو وضع للنص المقتبس في غير محله، والكل يجب أن ينزه عنه القرآن؛ لأنه من القسم الثالث المردود.
والحاصل أن العلماء قالوا: إن الاقتباس إن كان في غرض محمود، مطابق للمعنى، فهو حسن، وإلا فهو مكروه، أو حرام، وانظر الفتاوى: 224119، 175609، 173255.
والله أعلم.