الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فإن عليكم أن تعلموا أن تقصير الوالد في حقّكم، لا يسقط حقه عليكم من البرّ؛ فبرّ الوالدين من أوجب الواجبات، التي لا يسقطها شيء حتى الكفر، قال تعالى في حق الأبوين الكافرين: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا (لقمان:15)، فأمر بمصاحبتهما بالمعروف مع أنهما كافران.
وكما أن الوالد مسؤول أمام الله عز وجل عن تقصيره في حق أولاده، فالأولاد كذلك مسؤولون أمام الله عز وجل عن تقصيرهم في حق أبيهم، فكلٌّ سيسأل عما أوجبه الله عليه.
وما يفعله إخوتك من غيبة أبيهم، وإغلاظ القول له، أمر محرم، ومن كبائر الذنوب، فالواجب عليهم التوبة من ذلك، قال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ (الإسراء:23-24).
وأما الإنفاق على أبيكم: فإنه إن كان فقيرًا، وكان أبناؤه موسرين، وجب عليهم أن ينفقوا عليه، وعلى زوجته، وعياله الصغار، وانظر هاتين الفتويين: 20338، 21080.
ونصيحتنا لأبيكم أن يتوب إلى الله عز وجل من التقصير في حقّكم، وعدم الإنفاق عليكم، وسبّ أمّكم وإهانتها.
ونذكّره بأنه سيقف بين يدي ربه -سبحانه- حافيًا عاريًا، لا يجد له من دون الله وليًّا ولا نصيرًا.
ونذكّره بأن شؤم الدعاء على أولاده، قد يلحقه هو؛ لذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم. رواه مسلم.
والله أعلم.