الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أن الشريك صاحب رأس المال قدم في هذه الشركة رأسمالها بالعملة المحلية، فلا يجوز له - إذا سلم رأس ماله من الخسارة - أن يطالب بأكثر مما دفعه بالعملة المحلية، ولو نقصت قيمتها مقابل الدولار، وقولك: اتفقنا معه أن له بذمتنا هذا المبلغ بالعملة المحلية... إلخ، قد يفهم منه أنكم التزمتم بضمان رأس المال لصاحبه، فإن كان هذا هو الواقع، فلا يجوز ذلك، وهو شرط فاسد، وقد اختلف العلماء: هل اشتراط ضمان رأس المال يفسد المضاربة أم لا؟ مع اتفاقهم على فساد الشرط، وعدم اعتباره - وقد رجحنا أن المضاربة لا تفسد بذلك، وانظر الفتوى: 376354.
وأما بخصوص سؤالك الآخر المتعلق بإخراج الزكاة عن أموال الشركة، فقد سبق في الفتوى: 16615 ، بيان مذاهب أهل العلم حول من تجب عليه الزكاة في عقد المضاربة، وبينا أن الراجح في ذلك هو مذهب الحنابلة، وهو أن على صاحب المال زكاة المال كله، ما عدا نصيب العامل، لأن نصيب العامل ليس لرب المال، ولا تجب على الإنسان زكاة مال غيره، ويخرج الزكاة من المال، لأنه من مؤونته، وتحسب من الربح، لأنه وقاية لرأس المال، وأما العامل: فليس عليه زكاة في نصيبه، ما لم يقتسما، فإذا اقتسما استأنف العامل حولا من حينئذ.
قال ابن قدامة في المغني: وإن دفع إلى رجل ألفا مضاربة، على أن الربح بينهما نصفا، فحال الحول، وقد صار ثلاثة آلاف، فعلى رب المال زكاة ألفين، لأن ربح التجارة حوله حول أصله، وقال الشافعي في أحد قوليه: عليه زكاة الجميع، لأن الأصل له، والربح نماء ماله، ولا يصح، لأن حصة المضارب له، وليست ملكا لرب المال، بدليل أن للمضارب المطالبة بها، ولو أراد رب المال دفع حصته إليه من غير هذا المال، لم يلزمه قبوله، ولا تجب على الإنسان زكاة ملك غيره....... وأما العامل: فليس عليه زكاة في حصته حتى يقتسما، ويستأنف حولا من حينئذ. اهـ.
والله أعلم.