الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه. رواه البخاري ومسلم.
وقد قال الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [النحل:97].
وقال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4].
وقال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2، 3].
وقال: وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [البقرة:189].
وقال: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران:132].
وقال: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طـه:124]، إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ[لقمان:33]، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً [النساء:87].
وما دلت عليه هذه الآيات والحديث السابق في أن التقوى والعمل الصالح وصلة الرحم جوالب للسعادة، وأن المعاصي تجلب المشاكل هو الحق وهو المشاهد وقوعه في أغلب الأحوال قديماً وحديثاً.
فكم من التائبين أخبروا عما حصل لهم من السعادة بعد التوبة والاشتغال بالأعمال الصالحة، وهذا ما يجب أن يوقن به كل المؤمنين، وما يلاحظ في بعض الأحيان من تعقد بعض أمور المسلم فهو ابتلاء يعقبه يسر بإذن الله وتكفير للذنوب ورفع للدرجات، فالواجب أن يراجع المصاب نفسه ويخلص في التوبة ويكثر الدعاء ويصبر على ما أصابه، حتى يبدل الله العسر يسراً؛ ففي الحديث: ما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
وإذا لوحظ أن الفساق أو الكفار تيسرت أمورهم؛ فهو استدراج من الله؛ ففي الحديث: إذا رأيت الله يعطي العبد في الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ. رواه أحمد والبيهقي في الشعب، والطبراني في الكبير وصححه الألباني.
ثم إنه ينبغي أن يعلم أن كثرة المال بيد الشخص ليست معيارا لسعادته بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانت تمر عليهم فترات يقل المال فبها بأيديهم ويقعون في وضع أشبه ما يكون بحافة المجاعة، بدليل أن الله قد يمنع عبده الدنيا رحمة به وحماية له من أضرارها كما يحمي الناس بعض المرضى من الماء إذا كان يضربهم، ففي الحديث: إذا أحب الله عبدًا حماه الدنيا كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء. رواه الترمذي والحاكم وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي والألباني، وراجع الفتويين التاليتين:31444، 13270.
والله أعلم.