الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمحرم إنما هو إيلاج الذكر داخل الدبر، وما دون ذلك كالمداعبة بين الإليتين فهو جائز ولو كان ذلك في أثناء الحيض على الراجح من أقوال أهل العلم، ولكن هذا مقيد بما إذا حصل الأمن من أن يجر ذلك إلى حرام وهو الإيلاج في الدبر أو الإيلاج في القبل أثناء الحيض، فقد روى الإمام النسائي من حديث خزيمة بن ثابت عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن. حسنه السيوطي.
وروى أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ملعون من أتى امرأته في دبرها. صححه الألباني.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شبه في حديث النعمان بن بشير المتفق عليه: الحائم حول الحرام بالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه، وقد نص العلماء على أن ما لا يتم ترك المحرم إلا بتركه يجب تركه، فالذي ننصح به هو الابتعاد عن هذا الأمر، وأن تبتغوا ما تريدون فيما أرشد الله إليه، وهو موضع الحرث، فقد قال الله تعالى: نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [البقرة:223]، والعلم عند الله تعالى.
وبالنسبة لموضوع الغسل: ففي الحالة الأولى: حيث المداعبة دون إيلاج فلا يجب الغسل على الزوج والزوجة ما لم يحصل إنزال، فإن حدث إنزال وجب الغسل على من أنزل.
وفي الحالة الثانية: حيث المداعبة مع الإيلاج يجب الغسل على كل من الزوج والزوجة، إضافة إلى أن الإيلاج في الدبر حرام سواء كان بسيطاً أو غير ذلك، وهو كبيرة من كبائر الذنوب.
وإذا أجنبت المرأة وهي حائض لم يلزمها غسل حتى تطهر من الحيض، فتغتسل غسلا واحداً لذلك كله، قال الشافعي رحمه الله في كتاب الأم: إذا أصابت المرأة جنابة ثم حاضت قبل أن تغتسل من الجنابة لم يكن عليها غسل الجنابة وهي حائض، لأنها إنما تغتسل فتطهر بالغسل وهي لا تطهر بالغسل من الجنابة وهي حائض، فإذا ذهب الحيض عنها أجزأها غسل واحد، وكذلك لو احتلمت وهي حائض أجزأها غسل واحد لذلك كله، ولم يكن عليها غسل وإن كثر احتلامها حتى تطهر من الحيض فتغتسل غسلا واحداً. انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني: إذا كان على الحائض جنابة، فليس عليها أن تغتسل حتى ينقطع حيضها، نص عليه أحمد وهو قول إسحاق، وذلك لأن الغسل لا يفيد شيئاً من الأحكام، فإن اغتسلت للجنابة في زمن حيضها صح غسلها، وزال حكم الجنابة نص عليه أحمد، وقال: تزول الجنابة، والحيض لا يزول حتى ينقطع الدم. انتهى.
والله أعلم.