الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في هذا هو لزوم مراعاة قصد المتبرعين، والتقيد به، وراجع في ذلك الفتويين: 99802، 252595.
وعلى ذلك؛ فإن كان التبرع مخصوصًا ببناء المستوصف، فلا يجوز صرفه لغير ذلك من أعمال البر.
وأما إن كان قصد المتبرعين هو مطلق الخير لأهل القرية كلهم، أو بعضهم؛ فلا حرج في صرفه في أيّ باب من أبواب الخير يحتاجه أهل القرية كلهم، أو بعضهم. وعندئذ يجزئ عن والدكم ما فعله من دفع المبلغ المذكور للجمعية الشرعية؛ لعمل خير لأهل البلد، من زواج أيتام، وصدقات، ونحو ذلك.
وأما في حال قصد المتبرعين لخصوص بناء المستوصف، فيجب إبلاغ القائمين على الجمعية بذلك؛ ليلتزموا به، طالما أن من أنشطة هذه الجمعية بناء المستوصفات، وإلا رد المبلغ للمتبرعين، أو طلب إذنهم في استعمال المال في باب آخر من أبواب الخير.
وأما وضع المبلغ الباقي في البورصة، دون إذن المتبرع، فهذا تعدٍّ، يوجب ضمان المال على من فعل ذلك في حياته، ومن تركته بعد وفاته، وإلا بقيت ذمته مشغولة بهذا الحق. فإن لم يكن في تركة المتوفى ما يوفى منه هذا الحق، وأراد أبناؤه إبراء ذمته، فيبادروا إلى ذلك، تخليصا لوالدهم من هذه التبعة، التي لا يتخلص منها إلا بأدائها.
وأما الحكم بإثم الميت، وتعذيبه بسبب دينه، فهذا يختلف بحسب حال المتوفى، وسبب الاستحقاق، والله تعالى هو من يقضي في ذلك.
وقد ورد في النصوص الشرعية ما يدل على أن المدين المتوفى يتجاوز الله عنه، إذا كان عازما على الوفاء.
وراجع في ذلك الفتاوى: 193983، 169703، 134831.
والمطلوب منكم على أية حال، هو المبادرة إلى رد هذا الحق بحسب الإمكان، ثم الاستغفار لوالدكم، والدعاء له.
والله أعلم.