الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أمّك راضية بإقامتك بعيدا عنها، ولم يكن في ذلك تضييع لها؛ فلا تحرم عليك الإقامة بعيدا عنها، وفي جواز إقامة البنت الرشيدة وحدها بعيداً عن أبويها عند أمن الفتنة؛ خلاف بين أهل العلم.
جاء في الدر المختار وحاشية ابن عابدين : ... إذا دخلت في السن، واجتمع لها رأي، فتسكن حيث أحبت، حيث لا خوف عليها. انتهى.
وفي روضة الطالبين للنووي –رحمه الله- : وأما الأنثى إذا بلغت، فإن كانت مزوجة، فهي عند زوجها، وإلا فإن كانت بكرا، فعند أبويها، أو أحدهما إن افترقا، وتختار من شاءت منهما، وهل تجبر على ذلك؟ وجهان: أحدهما: نعم، وليس لها الاستقلال، والثاني: لا، بل لها السكنى حيث شاءت، لكن يكره لها مفارقتهما............. وهذا إذا لم تكن تهمة، ولم تذكر بريبة، فإن كان شيء من ذلك، فللأب، والجد، ومن يلي تزويجها من العصبات، منعها من الانفراد، ثم المحرم منهم، يضمها إلى نفسه، إن رأى ذلك. انتهى.
وقال ابن قدامة- رحمه الله- في المغني: فأما البالغ الرشيد، فلا حضانة عليه، وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه، فإن كان رجلا، فله الانفراد بنفسه، لاستغنائه عنهما، ويستحب أن لا ينفرد عنهما، ولا يقطع بره عنهما، وإن كانت جارية، لم يكن لها الانفراد، ولأبيها منعها منه؛ لأنه لا يؤمن أن يدخل عليها من يفسدها. انتهى.
فهذا من حيث الجواز وعدمه؛ وأمّا من حيث الأفضل، والأحب إلى الله تعالى؛ فالبقاء مع الأمّ، والاجتهاد في برها؛ من أفضل الأعمال، وأحبها إلى الله تعالى، وأسرعها ثواباً، وأرجاها، وبركة في الرزق، والعمر، ففي الأدب المفرد للبخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- : .. إِنِّي لَا أَعْلَمُ عَمَلًا أَقْرَبَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بِرِّ الْوَالِدَةِ.
واعلمي أنّ عزوفك عن الزواج للأسباب التي ذكرتيها؛ غير سائغ؛ فالزواج مندوب إليه في الأصل، ويشتمل على مصالح عظيمة، وراجعي الفتوى: 260215
وبخصوص مسألة الزواج، وموقفك من الخطاب؛ ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.