الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجوابنا يتلخص فيما يلي:
1) سبق أن بينا أن الوصية المكتوبة التي لم يشهد عليها الموصي، ولم يقل: نَفِّذوها. لا تثبت بها الوصية، ولا تنفذ. وانظر الفتوى: 179359، والفتوى: 131930.
وعليه؛ فإن كنت تعني بما ذكرته في السؤال أنكم وجدتم وصية مكتوبة لم تعلموا بها قبل وفاته، ولا أخبركم والدكم بها، ولا أشهد عليها أحدا. فإن الوصية لا تثبت بتلك الكتابة.
2) إن ثبت أن المبلغ الذي أوصى أبوكم بدفعه دينا عليه، فإنه يجب عليكم سداده من التركة سواء أوصى بسداده أم لا؟
جاء في الموسوعة الفقهية: دَيْنُ الآدَمِيِّ هُوَ الدَّيْنُ الَّذِي لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ، فَإِنَّ إِخْرَاجَ هَذَا الدَّيْنِ مِنَ التَّرِكَةِ وَالْوَفَاءَ بِهِ وَاجِبٌ شَرْعًا عَلَى الْوَرَثَةِ قَبْل تَوْزِيعِ التَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ.
وَعَلَى ذَلِكَ الإْجْمَاعُ، وَذَلِكَ حَتَّى تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ، أَوْ حَتَّى تَبْرُدَ جِلْدَتُهُ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ. اهـ.
وقال البهوتي -الحنبلي- في كشاف القناع: أَيْ يَجِبُ إخْرَاجُهُ (وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]. اهــ.
3) إن كان في تركة أبيكم وفاء للدين الذي عليه، أو لبعضه -سواء ترك نقودا، أو بيتا، أو أرضا- وجب عليكم الإسراع في قضاء دينه.
جاء في شرح المنتهى: وَيَجِبُ الْإِسْرَاعُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ، أَيْ الْمَيِّتِ. اهــ.
فيسدد الدين من النقود، أو يباع من الأرض أو البيت ما يسدد به الدين.
4) إذا لم يترك أبوكم وفاء لدينه، بأن لم يترك نقودا ولا عقارا ولا شيئا يفي بالدين. فإنه لا يلزم الورثة أن يقوموا بسداد الدين عنه ولو أوصاهم بذلك.
قال ابن قدامة في المغني: فَإِنْ لَمْ يخلفْ تَرِكَةً، لَمْ يُلْزَمْ الْوَارِثُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَدَاءُ دَيْنِهِ إذَا كَانَ حَيًّا مُفْلِسًا، فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَيِّتًا. اهــ.
ولا شك أنهم لو سددوا عنه الدين، فإن ذلك يكون من البر به.
والله أعلم.