الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما الأمور التي تحتف بالمسابقة -من وجود مُحَكِّمة متبرجة، أو موسيقى في شارة البرنامج-؛ فلا يظهر أنها توجب تحريم المشاركة في المسابقة، إن كان يرجى منها تعليم ما هو مباح ونافع، ولا تعتبر المشاركة في المسابقة إعانة مباشرة ولا مقصودة على التبرج والموسيقى، وراجعي في ضابط الإعانة المحرمة، الفتوى: 321739.
فأما أخذ العوض في هذا النوع من المسابقات، فجمهور العلماء على منعه، لكون العوض لا يجوز أخذه إلا فيما ورد في السنة من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لَا سَبَقَ إِلَّا فِي خُفٍّ، أَوْ نَصْلٍ، أَوْ حَافِرٍ. أخرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن.
وأجازه بعضهم فيما كان بمعنى ما ورد في النص، وتوسع آخرون فأجازوه مطلقا في كل ما هو مباح نافع، بشرط أن يكون العوض متبرعا به من طرف من غير المتسابقين.
وفي كلام بعض فقهاء المذاهب ما قد يفهم منه ذلك، إذا كان الباذل للعوض من غير المتسابقين.
جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: وقد حكى الزناتي قولين بالكراهة، والحرمة فيمن تطوع بإخراج شيء للمتصارعين، أو المتسابقين على أرجلهما، أو على حماريهما، أو غير ذلك مما لم يرد فيه نص السنة. اهـ.
فهذا النص محتمل أن يكون المراد به المسابقات التي في معنى المنصوص، ويحتمل أن يكون المراد به عموم المسابقات المباحة.
وقد فهم بعض الباحثين أن المراد به المسابقات المباحة عمومًا، وليس خصوص المسابقات التي في معنى المنصوص.
قال الدكتور خالد المصلح في أطروحته: الحوافز التجارية التسويقية، وأحكامها في الفقه الإسلامي:
المسابقة في مباحات ليست في معنى ما ورد به النص:
اختلف أهل العلم في بذل العوض في هذا النوع من المسابقات، على قولين:
القول الأول: لا يجوز بذل العوض في هذا النوع من المسابقات مطلقًا. وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة. وابن حزم من الظاهرية.
القول الثاني: يجوز بذل العوض في هذا النوع من المسابقات إذا كان العوض من أجنبي. وحكي هذا قولًا عند المالكية. اهـ.
وذكر نص الدسوقي الذي نقلناه آنفًا.
ولمزيد من التفصيل، يمكن مراجعة الفتوى: 345892.
والله أعلم.