الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز لك الانتفاع بهذا الرداء، ما دمت تعلم أنه مسروق، ويجب ردّه إلى صاحبه.
قال ابن جزي -رحمه الله- في القوانين الفقهية: مسألة في معاملة أصحاب الحرام: وينقسم حالهم إلى قسمين: أحدهما أن يكون الحرام قائما بعينه عند الغاصب أو السارق، أو شبه ذلك؛ فلا يحل شراؤه منه، ولا البيع به إن كان عينا، ولا أكله إن كان طعاما، ولا لبسه إن كان ثوبا، ولا قبول شيء من ذلك هبة، ولا أخذه في دين. ومن فعل شيئًا من ذلك فهو كالغاصب. انتهى.
ولكن ما دمت لا تقدر على معرفة صاحب الرداء، والوصول إليه، أو إلى ورثته -إن كان ميتا-؛ فالراجح عندنا أنّك تتصدق به عن صاحبه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: مثل من عنده أموال لا يعرف أصحابها كالغصوب والعواري ونحوهما، إذا تعذرت عليه معرفة أرباب الأموال ويئس منها؛ فإن مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد أنه يتصدق به عنهم، فإن ظهروا بعد ذلك كانوا مخيرين بين الإمضاء وبين التضمين. انتهى من مجموع الفتاوى.
وراجع الفتوى: 139052.
وإذا كنت فقيرًا؛ فيجوز لك أن تتصدق به على نفسك.
قال الغزالي -رحمه الله- في إحياء علوم الدين: ونقول إن له أن يتصدق على نفسه وعياله إذا كان فقيرا.
أما عياله وأهله؛ فلا يخفى؛ لأن الفقر لا ينتفي عنهم بكونهم من عياله وأهله، بل هم أولى من يتصدق عليهم.
وأما هو؛ فله أن يأخذ منه قدر حاجته؛ لأنه أيضا فقير، ولو تصدق به على فقير لجاز، وكذا إذا كان هو الفقير. انتهى.
والله أعلم.