االحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله لما فرض الصلوات حدد لها أوقاتا معينة، فلا يجوز أن تؤديها قبل دخول وقتها ولا بعد خروجه إلا في بعض الحالات كالمسافر والمريض ومن عليه فائتة حسب التفصيل المذكور في كتب الفقه. قال تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) [النساء:103] فجمع الصلاتين من غير عذر محرم شرعاً لأنه مخالف لأمر الله جل وعلا بأدائها في وقتها، ومخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم خصوصاً إذا داوم عليه، أما إذا لم يتخذه عادة فمذهب الجمهور المنع منه، وذهب بعض أهل العلم إلى جوازه مستدلين بما رواه مسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع في المدينة بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر وفي رواية ولا مطر، على أن المحققين من أهل الرسوخ في العلم يرون أن هذا الجمع الذي ذكره ابن عباس إنما هو جمع صوري، حقيقته أداء الظهر مثلاً في آخر الوقت وأداء العصر في أول الوقت، فكل من الصلاتين قد أديت في وقتها فلم تقدم منهما واحدة ولم تؤخر، وهذا هو الأظهر في تفسير حديث ابن عباس المتقدم. وبهذا تعلمين أنك إن كنت جمعت جمعاً غير صوري فقد ارتكبت خطأ عظيما، يضاف إليه خطأ آخر أعظم منه وهو أنك كنت تقصرين الصلاة ولست في حال سفر. والمقيم إذا قصر صلاته فقد أجمع أهل العلم على بطلانها، فعليك أن تعيدي كل الصلوات التي صليتها على هذا النحو فتصليها تماماً، أربع ركعات للظهر، ومثلها للعصر. ونسأل الله جل وعلا أن يغفر لنا ولك، وإذا علمت كل هذا فاعلمي أيضاً أنه ينبغي لك أن تنتبهي لنقطتين أخريين:
الأولى: أن عملك في مكان يتواجد فيه الرجال بين طالع ونازل وخارج وداخل ، هذا أمر لا يقبله الشرع الحنيف، ولا يلائم وضعك كامرأة مسلمة، والذي ننصحك به ترك هذا المكان إلى خير منه، ولا نرى ضرورة ملجئة إليه، وإلى حين ترك هذا المكان فالواجب عليك أخذ كل الاحتياطات اللازمة من الابتعاد عن الخلوة وعن الخضوع بالقول، والتستر بالزي الشرعي الكامل، والبعد عن ثياب الزينة والتعطر وغير ذلك.
الثانية: هي أن المرأة غير مطالبة بالصلاة في الجماعة فلها أن تصلي متى حان وقت الصلاة وفي أي مكان كان، وكونها غير مطالبة بالجماعة لا يعني أن لها أن تؤخر الصلاة عن وقتها، فتأخير الصلاة عن وقتها من أعظم الذنوب، ولا يسوغه شرعا خوف المرء على عمله.
والله أعلم.