الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن إلزام الطلاب بتكرار المحفوظ، وإعادته مرات معينة؛ ليس ببدعة، فليس ذلك تعبدًا بتلك الأعداد، أو اعتقادًا لخصوصيتها شرعًا، وإنما لأنه كلما زادت مرات التكرار والإعادة؛ كان ذلك أدعى للضبط والإتقان.
جاء في الحث على حفظ العلم لابن الجوزي: الباب الرابع في بيان طريق إحكام المحفوظ: الطريق في إحكامه كثرة الإعادة، والناس يتفاوتون في ذلك: فمنهم من يثبت معه المحفوظ مع قلة التكرار، ومنهم من لا يحفظ إلا بعد التكرار الكثير، فينبغي للإنسان أن يعيد بعد الحفظ، ليثبت معه المحفوظ، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: تعاهدوا القرآن فإنه أشد تفصيًّا من صدور الرجال من النعم من عقلها. وكان أبو إسحاق الشيرازي: يعيد الدرس مائة مرة، وإن كان إلكيا (إلكيا الهراسي فقيه شافعي) يعيد سبعين مرة، وقال لنا الحسن بن أبي بكر النيسابوري الفقيه: لا يحصل الحفظ إليَّ حتى يعاد خمسين مرة، وحكى لنا الحسن: أن فقيهًا أعاد الدرس في بيته مرارًا كثيرة، فقالت له عجوز في بيته: قد والله حفظتُه أنا، فقال: أعيديه، فأعادته. فلما كان بعد أيام، قال: يا عجوز، أعيدي ذلك الدرس، فقالت: ما أحفظه، قال: إني أكرر عد الحفظ، لئلا يصيبني ما أصابك. اهـ.
وراجعي في ضابط البدعة الفتوى: 631.
والله أعلم.