الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت لا تدري متى بلغ المال النصاب؛ فالواجب عليك الاجتهاد والتحري في تحديد وقت الوجوب -حسب قدرتك-.
فإن لم تعرفه معرفة متيقنة، فيكفي العمل بغلبة الظن، ولا يكلفك الله فوق ذلك؛ لأنه خارج عن وسعك، وقد قال الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: من الآية286}.
وقال الشاطبي في الاعتصام: الحكم بغلبة الظن أصل في الأحكام. اهـ.
وقال ابن نجيم الحنفي في الأشباه والنظائر: وَغَالِبُ الظَّنِّ عِنْدَهُمْ مُلْحَقٌ بِالْيَقِينِ، وَهُوَ الَّذِي يُبْتَنَى عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ، يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ تَصَفَّحَ كَلَامَهُمْ فِي الْأَبْوَابِ. اهـ.
وقال في مراقي السعود: بغالب الظن يدور المعتبر.
وإذا كان المال نقودا، وأمكنك أن تذهب للبنك، وتطلب من المسؤولين كشف رصيد الحساب لما مضى من السنين، فيتعين عليك ذلك، فمن خلال كشف الحساب ستعلم حركة الحساب، ومتى بلغ مالك النصاب، فتحسب حوله من ذلك الوقت.
وأما عن إخراجها في رمضان؛ فهو جائز على الراجح إذا كان ذلك قبل الوجوب، وأما التأخير فلا يجوز، فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى جواز تعجيل الزكاة قبل تمام الحول، لما رواه الحاكم في المستدرك عن علي -رضي الله عنه: أن العباس بن عبد المطلب سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن تعجيل صدقته قبل أن تحل، فرخص له في ذلك. قال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
وعن علي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعمر: إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام. رواه الترمذي، وقال: وقد اختلف أهل العلم في تعجيل الزكاة قبل محلها، فرأى طائفة من أهل العلم أن لا يعجلها، وبه قال سفيان الثوري، قال: أحب إلىَّ أن لا يعجلها، وقال أكثر أهل العلم إن عجلها قبل محلها أجزأت عنه، وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحاق. اهـ.
وقال ابن تيمية -رحمه الله-: يجوز تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد وجود سبب الوجوب عند جمهور العلماء، منهم الأئمة: أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، فيجوز تعجيل زكاة الماشية، والنقدين، وعروض التجارة، إذا ملك النصاب.
والله أعلم.