الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يمن عليك بالشفاء والعافية، وحكم العمرة محل خلاف معتبر بين العلماء، فقيل بوجوبها وهو المرجح عندنا، كما في الفتويين: 28369، 136568.
وقيل بل العمرة مستحبة ليست بواجبة، كما سبق في الفتوى: 357769.
وعلى كل: فإن وجوب العمرة -على القول به- منوط بالاستطاعة، لقوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا{آل عمران:97}.
ومن خصال الاستطاعة صحة البدن، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الخصلة الثانية للاستطاعة: صحة البدن: إن سلامة البدن من الأمراض والعاهات التي تعوق عن الحج شرط لوجوب الحج، فلو وجدت سائر شروط وجوب الحج في شخص وهو مريض زمِن، أو مصاب بعاهة دائمة، أو مقعد، أو شيخ كبير لا يثبت على آلة الركوب بنفسه، فلا يجب عليه أن يؤدي بنفسه فريضة اتفاقا. اهـ.
فإن كان المرض تعجز بسببه عن السفر إلى العمرة، أو يشق عليك مشقة شديدة غير محتملة عادة، فإن الوجوب يسقط عنك، لكن يلزمك أن تُنيب من يعتمر عنك -إن كان المرض ميؤوسا من شفائه- وانظر الفتوى: 416983.
وإن كان المرض لم يبلغ بك حد العجز، أو المشقة الشديدة وأردت تقليد من يرى استحباب العمرة وعدم وجوبها والتصدق بتكاليف العمرة بناء على ذلك، فلا تثريب عليك.
وقد ذكر جمع من العلماء: أن المستفتي له أن يتخير في مسائل الخلاف السائغ -ما دام لم يصل إلى حد تتبع الرخص بالأخذ بالأيسر في كل مسائل الخلاف- جاء في كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي: وله -أي المفتي- تخيير من استفتاه بين قوله وقول مخالفه؛ لأن المستفتي يجوز له أن يتخير، وإن لم يخيره، وقد سئل أحمد عن مسألة في الطلاق؟ فقال: إن فعل حنث، فقال السائل: إن أفتاني إنسان لا أحنث قال: تعرف حلقة المدنيين؟ قال: فإن أفتوني حل؟ قال: نعم. اهـ.
والله أعلم.