الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بقيامك بنصح أخيك بعدم رفقة قرناء السوء، وأن يعود للاستقامة على طاعة الله -عز وجل- فجزاك الله خيرا، وجعل ذلك في ميزان حسناتك.
وإن كان أخوك قد ندم على ما فعل، وتاب إلى الله، فنسأله -سبحانه- أن يتقبل توبته، ويرزقه الاستقامة على الطاعة.
ولا شك بأن أخاك من الرحم التي تجب صلتها، وتحرم قطيعتها، قال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا {النساء: 1}.
قال الطبري في تفسيره عن السُّدِّي أنه قال في تفسيرها: اتقوا الله، واتقوا الأرحام، لا تقطعوها... انتهى.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن، فقال له: مه، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فذاك.
قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد: 22}.
فعليك بصلة أخيك بما يعتبر عرفا صلة له، ولا تؤاخذه بذنب قد تاب منه، ولا يجوز لك هجره لأجل ذلك، والذي يجوز هجره هو العاصي المقيم على الذنب، فينصح، فإن لم ينتفع بالنصح جاز هجره. وتراعى في هجره المصلحة، كما ذكر أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتوى: 21837.
ثم إن في صلته بِرًّا بوالديك، وبرهما واجب، وعقوقهما محرم. واحرص على أن تكون صلتك له عونًا على سيره في طريق الاستقامة.
والله أعلم.