الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في حرمة ما قمت به من النميمة، بل هي كبيرة من كبائر الذنوب، كما قال بعض أهل العلم. وراجع الفتوى: 98686.
وعلى الرغم مما وقعت فيه من الإثم، فإن هذا لا يمنعك من التوبة، فعليك بالاستغفار، والتوبة إلى الله تعالى، فإن الله تعالى يقبل توبة التائب، ويغفر لمن يستغفره، كما قال تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا {النساء:110}.
وقال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:53}.
وقال عز وجل: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {الأنعام:54}.
وإذا كنت تقدر على إصلاح ما أفسدته بالنميمة من غير أن يترتّب على ذلك فتنة، أو مفسدة، فافعل. وإلا فأكثر من الاستغفار للفتاتينِ المذكورتين.
قال السفاريني في غذاء الألباب: فتجب التوبة منهما -النميمة، والغيبة- واستحلال من اغتابه، أو بهته، أو جَبَهَه، بأن واجهه بما يكره، أو نَمَّ عليه، ما لم يترتب على ذلك فتنة، فيتوب، ويستغفر له. اهـ.
وأما حديث: لا يدخل الجنة قتّات ـ فلا شك أنه حديث صحيح، وفيه وعيد شديد ينبغي أن يكون زاجرا عن النميمة، لكنه لا ينافي قبول توبة النمّام، فإن هذا الحديث محمول على من استحلّ النميمة، وقيل معناه لا يدخل الجنة أوّلا، بل يدخل النار، فيعذّب بما فعل، ثم يدخل الجنة.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: لايدخل الجنة نمام ـ ففيه التأويلان المتقدمان في نظائره:
أحدهما: يحمل على المستحل بغير تأويل، مع العلم بالتحريم.
والثاني: لا يدخلها دخول الفائزين، والله أعلم. اهـ.
وقال ابن الجوزي في مشكل الحديث من الصحيحين: فكأنَّ المراد: لا يدخل الجنة ابتداء، وإنما يدخل النار، وعلى هذا تفسير قوله: لا يدخل الجنة قتات. اهـ.
مع التنبيه على أن محادثة الرجل للمرأة الأجنبية إنما تجوز عند الحاجة، بشرط أمن الفتنة، ومراعاة الضوابط الشرعية، كعدم خضوع المرأة بالقول، أو الملاطفة في الكلام، ونحو ذلك، مما يقود للفتنة. وراجع الفتوى: 30792.
والله أعلم.