الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحاصل في الحالة الأولى هو ما تصورنا من أن السائل يشتري من المورد سلعة موصوفة في الذمة، فلا حرج في بيع هذه السلعة قبل استلامها، وتوكيل البائع في إيصالها للمشتري الثاني مباشرة، إذا تحقق في كلا العقدين شروط صحة بيع السلم، وهو ما يعرف بالسلم الموازي، وليس من باب بيع ما لا يملك، فيكون بينه وبين المورد عقد، وبينه وبين الزبون عقد آخر منفصل عنه، ثم يوكل المورد في توصيل المنتج للزبون، ولا حاجة لتمييز السلعة بوضع الشعار، أو نحوه عليها.
وراجع في ذلك، وفي بيان شروط بيع السلم، الفتاوى: 354967، 97413، 292327.
ولمزيد الفائدة، يمكن الاطلاع على الفتويين: 111426، 119712.
وأما الحالة الثانية: فلا حرج في عمل السائل وكيلا عن المورد، ومسوقا له، نظير عمولة معلومة. ولكن لا بد أن يكون ذلك في عقد صحيح شرعا، والصورة التي ذكرها السائل هنا فيها إشكالان شرعيان:
الأول: أن السائل سيكون وكيلا عن المورد في قبض الثمن، وهذا لا يصح في السلم، ما دام الموكل ليس في مجلس العقد.
قال البغوي في التهذيب: ولو وكل أحدهما وكيلاً بالقبض؛ نظر: إن قبض الوكيل قبل مفارقة الموكل مكان العقد جاز، وإن فارق الموكل قبل قبض الوكيل، بطل العقد. اهـ.
وعند الحنفية لا يصح أن يوكل البائع من يقبض له الثمن في عقد السلم مطلقا.
وراجع في ذلك الفتوى: 332287.
وإذا كان هذا في مجرد التوكيل في قبض الثمن، فما بالنا بدفع السائل للمورد الثمن من ماله الشخصي! وإذا قلنا: إن ذلك في حكم القرض للمشتري، كان الأمر أشد؛ لأنه لا يجوز الجمع بين القرض وبين عقد من عقود المعاوضة كالبيع، أو الإجارة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع. رواه أحمد، والأربعة.
وراجع في ذلك الفتوى: 250798.
والثاني: بقاء الثمن محجوزا عند بوابة الدفع لمدة أيام، وبهذا يفوت شرط قبض كامل الثمن في مجلس العقد.
وراجع في ذلك الفتوى: 129763.
والله أعلم.