الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك ما منَّ الله به عليك من حرصك في السعي إلى هداية الناس: فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. كما في حديث البخاري.
هذا؛ ونؤكد لك -أخي السائل- على أهمية دعوته بالحكمة والموعظة الحسنة، والتنبيه على ما في التمسك بالحق، وترك الباطل من الخيرات العاجلة والآجلة، وعلى ما في خلافه من الشقاء، والفساد، وسيئ العواقب، فلعله بهذا يجيب إلى الحق، ويترك ما هو عليه من هذا المحرم، ثم ينبغي أن تبين له حكم الصلاة في حال السكر وغياب العقل، كما ينبغي أن تريه منك حب الخير له، والحرص على انتشاله من مستنقع المنكر المتلبس به، بأسلوب هين لين، بعيد عن الغلظة، طلق الوجه، لطيف العبارة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه. أخرجه مسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام: إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه. متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا. أخرجه مسلم.
وبخصوص التدرج في دعوته إذا كان المقصود منه استعمال الحكمة بترغيبه أولا فيما أعده الله تعالى في الآخرة للمتقين، ثم ببيان الحكم الشرعي له، وخطورة ما يقدم عليه من منكر بأسلوب سهل، وكلام لين، وبمراعاة الوقت المناسب لدعوته، ولو اقتضى تأخير دعوته لمصلحة تقتضي ذلك، فلا بأس، وراجع الفتاوى التالية: 182065، 332404، 363433.
واعلم أن الهداية والتوفيق بيد الله وحده، يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، كما قال تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {القصص: 56}.
والذي بيد الداعية بتوفيق من الله: البيان والإرشاد، والدعوة بالحكمة، والموعظة الحسنة، فعلى الداعية أن يأخذ بالأسباب المناسبة، والطرق الصحيحة، وأن لا ييأس إن لم يجب إلى دعوته أحد، فإن الأمر لله من قبل ومن بعد، ولتستعن بالله وحده، ولتلجأ إليه دائما، ولتكثر من دعائه، وسؤاله العون والتوفيق، ولا بأس بأن تدعو له بالهداية، والتوفيق لقبول الحق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له عن دوس إنهم عصوا، قال: اللهم اهد دوسا، وأت بهم. متفق عليه.
فدعا لهم -صلوات الله وسلامه عليه- بالهداية.
والله أعلم.