الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أقدمتما عليه بالصورة المذكورة بالسؤال لا يجوز شرعا، ولا يعتبر نكاحا.
فشأن النكاح عظيم، فإنه متعلق باستحلال الفروج، والأصل في الفروج التحريم، فلا تستحل بأدنى الحيل.
ولذلك جعل الشرع شروطا للنكاح الصحيح، ومن أهم هذه الشروط أن يكون بإذن ولي المرأة، سواء كانت المرأة بكرا أم ثيبا، وذلك من أجل أن يحفظ كرامة المرأة، ويصونها عن الابتذال، والجلوس للرجال.
ومن شروطه أيضا الشهود، وفي ذلك حماية لكل من الرجل، والمرأة من أن يتهم في عرضه، وحماية لنسب الولد الذي ينتج عن هذا النكاح.
ونرجو مطالعة الفتوى: 1766 ففيها بيان شروط النكاح الصحيح.
وهذا النكاح الذي تم نكاح باطل؛ لكونه بلا ولي، ولا شهود، فمن شرط الشهود أن يحضروا مجلس العقد، وهو ما لم يحصل هنا، فالواجب فسخه.
وعند الرغبة في استمرار الزوجية يمكن تجديد العقد بشروطه المطلوبة، وإن رزقا أولادا قبل تجديد العقد فهم لاحقون بالزوج للشبهة.
وننبه إلى أمرين:
الأمر الأول: ليس من حق الولي منع المرأة من الزواج من الكفء لغير مسوغ شرعي، وإن امتنع من تزويجها، فيمكنها أن ترفع الأمر إلى القاضي الشرعي، لينظر في الأمر، فإن ثبت عنده عضل وليها لها، زوجها القاضي، أو وَكَّل من يزوجها، وليس من حقها أن تزوج نفسها على الراجح -ثيبا كانت أم بكرا- وانظر الفتويين: 67198، 199.
الأمر الثاني: عدم التساهل في أمر الفروج، وأهمية مبادرة من يجهل الحكم الشرعي بالسؤال قبل الإقدام على الفعل.
قال القرطبي في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها، لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه، ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه، وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه، لقوله تعالى: فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. انتهى.
والله أعلم.