الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام جدكم هو الواهب لأبنائه وأحفاده، فالهبة على شرط الواهب، ويجب مراعاة شرطه، وقصده في هبته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقا، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح.
وقول القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم، وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.
وقال النووي في روضة الطالبين: أعطاه درهما، وقال: ادخل به الحمام، أو دراهم، وقال: اشتر بها لنفسك عمامة، ونحو ذلك، ففي فتاوى القفال: أنه إن قال ذلك على سبيل التبسط المعتاد، ملكه، وتصرف فيه كيف شاء، وإن كان غرضه تحصيل ما عينه، لما رأى به من الشعث، والوسخ، أو لعلمه بأنه مكشوف الرأس، لم يجز صرفه إلى غير ما عينه. اهـ.
وعلى ذلك؛ فإن كان قصد الواهب بالفعل مقصورا على استعمال هبته في بناء بيوت للموهوب لهم، لزمهم ذلك، وإن لم يشترط ذلك، فالهبة ملك للموهوب له، يتصرف فيها كما يريد، وعندئذ فلكل واحد من الموهوب لهم نصيبه، بحسب شرط الواهب، فإن كان الجد وهب نصيب ابنه محمد لأولاده فقط، دون زوجته، فهو لهم دونها، وإن كان وهبه لجميع ورثة ابنه: محمد، بحسب أنصبتهم من التركة، كان لزوجته نصيبها من ذلك.
فمرد الأمر كله إلى معرفة شرط الواهب، وحينئذ يُعمَل بذلك، وإذا ثبت لأحد - السائلة، أو غيرها - سهم من هذه الهبة، وكان بالغا رشيدا لم يجز أن يحال بينه وبين سهمه من الهبة، أو أن يمنع من التصرف فيه، أو أن يجبر على استعماله في شيء لم يعيِّنْه الواهب، أما إذا كان لا يزال قاصرا، فيمنعه من التصرف في ماله لمصلحته، ومصلحة ماله من هو مسؤول عنه.
والله أعلم.