الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإنجاب حق مشترك بين الزوجين، فلا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من الإنجاب بالكلية، أو أن يفرض عليها إجراء عملية لقطع الإنجاب نهائيا، بل ولا مؤقتا.
وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 466807، والفتوى: 478195.
ويتأكد المنع من قطع الإنجاب إن كان الداعي لذك أمر الرزق؛ فإن الله -تعالى- قد كفل لكل نفس رزقها، قال سبحانه: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ {هود: 6}.
ونوصي بالتفاهم بينكما، وبذل النصح لزوجك برفق ولين في ضوء ما ذكرنا، ويمكنك الاستعانة ببعض المقربين إليه ممن لهم وجاهة عنده للعمل على إقناعه.
ولا تنسي أن تكثري من دعاء الله -سبحانه- فأمر الذرية بيده، فهو القائل: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ {الشورى 49: 50}.
وروى أبو نعيم في الحلية عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها. فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله؛ فإن الله -تعالى- لا ينال ما عنده إلا بطاعته. وهو حديث صحيح.
وأما التبني فلا يجوز المصير إليه، فالتبني محرم، وقد كان في أول الإسلام وأبطله الشرع في قوله تعالى: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ {الأحزاب: 4}.
وتجوز الكفالة والرعاية من غير تبَنٍّ، وهذه الكفالة نوع من الإحسان، والله يحب المحسنين.
والله أعلم.