الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على أخيك مطاوعة زوجته في الانتقال إلى مسكن آخر، وترك السكن في بيت أبيه، فطالما كان للزوجة مسكن مستقل مناسب، سواء كان في بيت الأب، أو غيره؛ فلا حقّ لها في المطالبة بمسكن غيره، والواجب عليها البقاء معه، وراجع الفتوى: 79665.
وأمّا طلب الوالد من ولده البقاء معه بعض الوقت ليصلي معه جماعة، فليطعه فيه، فقد نصّ بعض أهل العلم على أنّ الوالد إذا أمر ولده بتأخير الصلاة ليصلي معه جماعة؛ وجب على الولد طاعته.
قال البهوتي -رحمه الله- في كشاف القناع: ولو أمره والده بتأخيرها -أي: الصلاة- ليصلي به أخر، نصا، إلى أن يبقى من الوقت الجائز فعلها فيه، بقدر ما يسعها، قال في شرح المنتهى: وظاهره أن هذا التأخير يكون وجوبا. انتهى.
وبقاؤه مع أبيه هذه المدة؛ ليس فيه إضرار بالزوجة، أو تضييع لحقها، وراجع الفتوى: 120153.
فينبغي على أخيك أن يبين ذلك لزوجته، ويذكرها بحقّ أبيه عليه، وأنّ الزوجة الصالحة تعين زوجها على برّ أبيه، والإحسان إليه.
وإذا أصرت الزوجة على المطالبة بالانتقال إلى المسكن الآخر، ورفضت البقاء مع زوجها في بيت أبيه؛ فإن كان يمكنه الانتقال مع القيام بحقّ أبيه، ورعايته على الوجه المطلوب؛ فلا مانع من الانتقال، وراجع الفتوى: 428185.
وأمّا إن كان تركه السكن في بيت أبيه يحول بينه وبين القيام بحقّ أبيه عليه في البر والرعاية؛ فلا يطعها في الانتقال، وينبغي لأخيك أن يعامل زوجته بحكمة وحنكة، وأن يكون حذرا من مجاراتها في رغباتها، إذا رأى أنها تسعى بذلك لإبعاده عن أبيه، وأن لا يتأثر بتهديداتها، أو إظهار نفسها مظلومة مهضومة الحق؛ إذا كان الواقع خلاف ذلك.
والله أعلم.