الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي مثل هذه الحال لا بد من رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية؛ لأنها وحدها المخولة بالحكم في أمر الحجر على والدكم، فإن حكمت بالحجر عليه، أقامت هي من يتولى حفظ ماله؛ وراجع في ذلك الفتويين: 228823، 341047.
وذلك، أن الأحق بالولاية على مال المحجور عليه هو أبوه، ثم وصي أبيه، فإن لم يوجد واحد منهما انتقلت الولاية إلى القاضي، أو الحاكم.
وقد علل ابن قدامة انتقال الولاية بعد الأب ووصيه إلى الحاكم، فقال في الكافي: لأن الولاية من جهة القرابة قد سقطت، فثبت للسلطان، كولاية النكاح، ولا تثبت لغيرهم؛ لأن المال محل الخيانة، ومن سواهم قاصر الشفقة، غير مأمون على المال، فلم يله كالأجنبي. اهـ.
وانظر للفائدة الفتويين: 76156، 55681.
وأما وكالة الوالد للوالدة: فإنها تبطل بالحجر عليه.
قال ابن قدامة في المغني: متى خرج أحدهما -يعني الموكل ووكيله- عن كونه من أهل التصرف، مثل أن يجن، أو يحجر عليه لسفه، فحكمه حكم الموت؛ لأنه لا يملك التصرف، فلا يملكه غيره من جهته... وإن حجر على الموكل، وكانت الوكالة في أعيان ماله، بطلت؛ لانقطاع تصرفه في أعيان ماله. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الحجر من أسباب بطلان الوكالة في الجملة، وللفقهاء مناهج مختلفة في بيان آثار الحجر على الوكالة، فذهب الحنفية إلى أن الحجر على الموكل، أو الوكيل يبطل الوكالة... صرح الحنابلة بأن الوكالة تبطل بالحجر لسفه، سواء طرأ على الوكيل، أو على الموكل، لأن عقد الوكالة يعتمد على العقل وعدم الحجر، فإذا انتفى ذلك انتفت صحته، لانتفاء ما يعتمد عليه، وهو أهلية التصرف... وصرح الشافعية بأن الوكالة تبطل بالحجر على الوكيل، أو على الموكل بسفه، أو فلس في كل تصرف لا ينفذ منهما، واعتبروا الحجر في كلا الحالين في معنى الجنون... اهـ.
والله أعلم.