الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجوابنا يتخلص فيما يلي:
أولا: القول بأنه لا نصيب للدائن من ميراث مدينه حتى يسدد دينه. هذا غير صحيح، والدين ليس مانعًا من موانع الإرث، وموانع الإرث ثلاثة: الرق، والقتل، واختلاف الدين.
وإنما يطالب المدين بسداد الدين الذي عليه للميت، ويدفعه إلى ورثته؛ ليقسموه بينهم القسمة الشرعية. ويمكن أن يخصم الدين الذي عليه من نصيبه من التركة إن كان من الورثة.
ثانيا: دعوى أخيك وأختك في أن أمهما سامحتهما في الدين الذي عليهما، هذه الدعوى لا تقبل إلا إذا جاءا ببينة شرعية، أو صدَّقهما الورثة فيها، ولا تقبل لمجرد دعواهما؛ لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِلْبَيْهَقِيِّ بِإِسْنَادٍ صَححه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ. اهــ.
قال الصنعاني في سبل السلام: والحديث دال على أنه لا يقبل قول أحد فيما يدعيه لمجرد دعواه، بل يحتاج إلى البينة، أو تصديق المدعى عليه...اهـ.
ثالثا: شهادة الابن المدين بأن أمه سامحته وإخوانه في الدين، وشهادة أخته معه وهي مدينة أيضا لأمها، هذه الشهادة لا عبرة بها شرعًا؛ لأنه وأختَه يجران بها نفعا إلى نفسيهما، ومن موانع قبول الشهادة شرعا أن يكون الشاهد يجر بشهاد نفعا إلى نفسه.
جاء في كشاف القناع: مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ: أَنْ يَجُرَّ الشَّاهِدُ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَةٍ. اهــ.
رابعا: والبينة التي تثبت بها الأموال: أقلها رجل وامرأتان، أو رجل ويمين المدعي.
فإن أقاموا بينة شرعية على دعواهم، وإلا؛ فللورثة الحق في مطالبتهم بسداد الدين الذي عليهم إن لم يصدقوهم.
خامسا: عند الاختلاف والتنازع يرفع الأمر إلى المحكمة الشرعية.
والله أعلم.