الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب الالتزام بأنظمة المرور، ويحرم قطع إشارة المرور الحمراء، وتجاوز حدود السرعة المسموح بها من حيث الأصل؛ لما قد يترتب على خلاف ذلك من مفاسد وخيمة من إزهاق للأوراح، وتعريضهم للهلاك، وإفساد ممتلكاتهم.
ومن خالف وترتب على مخالفته موت شخص، فإنه يضمن جنايته بالدية، وتجب عليه الكفارة، ولولي الأمر تعزيره بالعقوبة المناسبة بما يردع عن الوقوع في مثل هذه المخالفة.
وأما القصاص: فإن القتل الحاصل بسبب قطع الإشارة، أو تجاوز السرعة لا قصاص فيه؛ لأنه لا ينطبق عليه ضابط قتل العمد في غالب الأحوال، فالقتل العمد: هو قصد الفعل والشخص بما يقتل غالبا.
قال النووي في منهاج الطالبين: الفعل المزهق ثلاثة: عمد، وخطأ، وشبه عمد. ولا قصاص إلا في العمد وهو: قصد الفعل والشخص بما يقتل غالبا: جارح أو مثقل. فإن فقد قصد أحدهما بأن وقع عليه فمات، أو رمى شجرة فأصابه فخطأ، وإن قصدهما بما لا يقتل غالبا فشبه عمد. اهـ.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن حوادث السير:
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري باجوان، بروناي دار السلام من 1 إلى 7 محرم 1414 هـ، الموافق 21 – 27 يونيو 1993 م.
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: "حوادث السير".
وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله.
وبالنظر إلى تفاقم حوادث السير، وزيادة أخطارها على أرواح الناس وممتلكاتهم، واقتضاء المصلحة سن الأنظمة المتعلقة بترخيص المركبات بما يحقق شروط الأمن كسلامة الأجهزة، وقواعد نقل الملكية ورخص القيادة، والاحتياط الكافي بمنح رخص القيادة بالشروط الخاصة بالنسبة للسن والقدرة والرؤية، والدراية بقواعد المرور والتقيد بها، وتحديد السرعة المعقولة والحمولة.
قرر ما يلي:
1- أ- أن الالتزام بتلك الأنظمة التي لا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية واجب شرعا؛ لأنه من طاعة ولي الأمر فيما ينظمه من إجراءات بناء على دليل المصالح المرسلة، وينبغي أن تشتمل تلك الأنظمة على الأحكام الشرعية التي لم تطبق في هذا المجال.
ب- مما تقتضيه المصلحة أيضا سن الأنظمة الزاجرة بأنواعها، ومنها التعزير المالي، لمن يخالف تلك التعليمات المنظمة للمرور لردع من يعرض أمن الناس للخطر في الطرقات والأسواق من أصحاب المركبات ووسائل النقل الأخرى، أخذا بأحكام الحسبة المقررة.
2- الحوادث التي تنتج عن تسيير المركبات تطبق عليها أحكام الجنايات المقررة في الشريعة الإسلامية، وإن كانت في الغالب من قبيل الخطأ، والسائق مسؤول عما يحدثه بالغير من أضرار سواء في البدن أو المال إذا تحققت عناصرها من خطأ وضرر، ولا يعفى من هذه المسؤولية إلا في الحالات الآتية:
أ- إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها، وتعذر عليه الاحتراز منها، وهي كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان.
ب- إذا كان بسبب فعل المتضرر المؤثر تأثيرا قويا في إحداث النتيجة.
ج- إذا كان الحادث بسبب خطأ الغير، أو تعديه فيتحمل ذلك الغير المسؤولية. اهـ.
والله أعلم.