الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قاله والدكِ يعتبر من نذر اللجاج والغضب، وهو كاليمين من حيث التخيير بين الوفاء به، وبين الحنث، فيخرج الكفارة، أو يفعل المنذور.
قال ابن قدامة في المغني: إذا أخرج النذر مخرج اليمين، بأن يمنع نفسه، أو غيره به شيئا، أو يحث به على شيء، مثل أن يقول: إن كلمت زيدا، فلله علي الحج، أو صدقة مالي، أو صوم سنة، فهذا يمين، حكمه أنه مخير بين الوفاء بما حلف عليه، فلا يلزمه شيء، وبين أن يحنث، فيتخير بين فعل المنذور، وبين كفارة يمين، ويسمى نذر اللجاج والغضب، ولا يتعين عليه الوفاء به، وإنما يلزم نذر التبرر، وهذا قول عمر، وابن عباس، وابن عمر، وعائشة، وحفصة، وزينب بنت أبي سلمة، وبه قال عطاء، وطاوس، وعكرمة، والقاسم، والحسن، وجابر بن زيد، والنخعي، وقتادة، وعبد الله بن شريك، والشافعي، والعنبري، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وابن المنذر. اهـ.
فإذا ذهبتِ إلى الجامعة، فإن والدكِ يخير بين إخراج كفارة يمين، وبين ذبح الذبيحة التي نذرها.
وأما الغضب: فإن كان والدكِ حال غضبه يدرك ما يقول ويعقله، فهو مؤاخذ، ولا يعذر بغضبه، لأن الغضب الذي يمنع المؤاخذة: هو الذي يزول معه العقل، ولا يعي الغضبان معه ما يقول.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الغضبان مكلف في حال غضبه، ويؤاخذ بما يصدر عنه من كفر، وقتل نفس، وأخذ مال بغير حق، وطلاق، وغير ذلك من عتاق، ويمين. اهـ.
وعليك أن تنكري على أختكِ إغضابها لوالدكِ، ومجادلتها له، فهذا من العقوق المحرم، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23}.
وفي سنن الترمذي، وصححه ابن حبان، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.
وفي بر الوالدين لابن الجوزي: قال يزيد بن أبي حبيب: إيجاب الحجة على الوالدين عقوق ـ يعني الانتصار عليهما في الكلام. اهـ.
والله أعلم.