الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على حرصك على التواصل مع أبيك، نسأل الله -عز وجل- أن يرزقك بره ورضاه، وفي رضا الوالدين رضا الرب -تبارك وتعالى- ثم إن عمل المرأة جائز إذا انضبط بالضوابط الشرعية، ولا سيما عملها في مجال التمريض للحاجة الشديدة لمثل هذا العمل، بالنسبة للمجتمع، وأمر تمريض النساء خاصة، وتراجع الفتوى: 123665.
وعودة المرأة من العمل في الليل لا يمنعها شرعًا من العمل إن كانت تأمن على نفسها في هذا الوقت، ومن الخطأ القول بأن المرأة ليس لها أن تكسب أموالاً كثيرة، أو ليس لها أن تتقدم علميًا، أو أن ذلك قد يسبب تأخير زواجها، بل قد يكون تعلم المرأة، وعملها من دواعي الزواج منها، ويرغب بعض الناس في مثلها، وخاصة في هذا الزمان الذي صعبت فيه أمور الحياة، ومعلوم أن المال مما يرغب الرجال في النساء، كما في الحديث النبوي: تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ. متفق عليه.
وقد كانت خديجة -رضي الله عنها- امرأة غنية، وغيرها كثير من النساء كذلك، وكانت امرأة ابن مسعود -رضي الله عنهما- تنفق على زوجها، وولده منها.
وهذا الكلام من أخيك قد يكون من منطلق شفقته عليك، وليس من أجل أن يمنعك شيئًا لك فيه الحق، فلا يمكن الجزم بأنه ظالم لك، وعلى كل: ينبغي أن تكثري من الدعاء له، بأن يصلح الله حاله، وإن كان على ما ذكرت من عدم الاتزان، والتطرف في الرأي، وأنه غليظ، وجافٍ في التعامل، فهجره لأذاه لك جائز، ولكن الأولى أن تراعي في ذلك المصلحة، فتتركي الهجر إن كان يزيده عنادًا؛ لأن الهجر تراعى فيه المصلحة، كما ذكر العلماء، وانظري الفتوى: 21837.
وإن كان أبوك قد منعك من العمل الذي ترغبين فيه، والذي هو الأفضل لك، فنوصيك بالجلوس إليه، والتفاهم معه بأدب واحترام، والاستعانة عليه بمن ترجين أن يستجيب لقوله، وعليك الدعاء بأن ييسر الله لك إقناعه، فإن اقتنع -فالحمد لله- وإلا فإن كان أمره لك بترك العمل بدافع الغيرة، والخوف عليك، فالواجب عليك طاعته، إلا إذا كنت في حاجة للعمل، لكونك غير مكفية بالنفقة، وراجعي الفتوى: 144133.
والله أعلم.