الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتربية الأولاد مسؤولية مشتركة بين الأبوين، لا ينفرد أحدهما بها، ففي صحيح البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ككلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والأميرُ راعٍ، والرجلُ راعٍ على أهل بيتِه، والمرأةُ راعيةٌ على بيت زوجها وولدِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه.
فعلى الوالدين تعليم الأولاد الصلاة إذا بلغوا سنّ التمييز -وهو سبع سنين- وأمرهم بها- وتأديبهم على تركها- إذا بلغوا عشر سنين، ففي سنن أبي داود عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: مرُوا أولادَكُم بالصلاةِ وهُم أبناءُ سبعِ سنينَ، واضرِبُوهُم عليهَا وهُمْ أبْنَاءُ عَشْرٍ، وفرِّقُوا بينِهِم في المَضَاجِعِ.
جاء في مختصر المزني: قال الشافعي: وعلى الآباءِ والأمهاتِ أن يُؤَدِّبوا أولادَهُم، ويُعَلِّمُوهم الطهارةَ والصلاةَ، ويَضْرِبُوهم على ذلك إذا عَقَلُوا. انتهى.
ويعتني الأب بتعليم أولاده القرآن والسنة، إما بنفسه -إن أمكنه- أو عن طريق معلم، أو تقوم الأمّ بتعليمهم، والواجب من ذلك ما تصح به عبادته، وما زاد فهو خير.
قال النفراوي -رحمه الله- في الفواكه الدواني: ويجب عليه أن يعلمه من القرآن ما يصلي به من فاتحة، ويسن تعليمه ما تحصل به السنة، وما عدا ذلك فمندوب. انتهى بتصرف يسير.
وأمّا بخصوص أعمال المنزل؛ فالمفتى به عندنا وجوب خدمة الزوجة زوجها بالمعروف، وإعانة الزوج زوجته في أعمال البيت مندوب إليها، وهي من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ففي صحيح البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله -تعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.
قال ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: وفيه الترغيب في التواضع، وترك التكبر، وخدمة الرجل أهله. انتهى.
وقال العيني -رحمه الله- في عمدة القاري: وَفِيه: أَن خدمَة الدَّار وَأَهْلهَا سنة عباد الله الصَّالِحين. انتهى.
والله أعلم.