الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المال الحرام ما يأخذه الولد من مال والده دون إذنه، إلا ما كان من النفقة الواجبة التي تلزم الأب، ويمتنع من أدائها، كما سبق في الفتوى: 366634.
والأدلة على تحريم الاعتداء على الأموال كثيرة، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء:29}.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده، عن أبي حميد الساعدي، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل لامرئ أن يأخذ مال أخيه بغير حقه، وذلك لما حرم الله مال المسلم على المسلم.
وراه أيضا بلفظ: لا يحل للرجل أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه، وذلك لشدة ما حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مال المسلم على المسلم. وأخرجه ابن حبان في صحيحه.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه. رواه مسلم.
وفي مصنف ابن أبي شيبة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: يأكل الرجل من مال ولده ما شاء، ولا يأكل الولد من مال والده إلا بإذنه.
فيجب على الابن التوبة إلى الله من الاعتداء على مال والده، ورد الأموال التي أخذها إلى أبيه -ولو دون علمه- أو يطلب السماح من أبيه، وكذلك الحكم فيما أخذه من أمه بغير حق.
قال النووي في روضة الطالبين: قال الأصحاب: التوبة بين العبد وبين الله - تعالى - التي يسقط بها الإثم هي: أن يندم على فعل، ويترك فعله في الحال،
ويعزم أن لا يعود إليه، ثم إن كانت المعصية لا يتعلق بها حق مالي لله تعالى، ولا للعباد؛ كقبلة الأجنبية، ومباشرتها فيما دون الفرج، فلا شيء عليه سوى ذلك، وإن تعلق بها حق مالي، كمنع الزكاة، والغصب، والجنايات في أموال الناس، وجب مع ذلك تبرئة الذمة عنه، بأن يؤدي الزكاة، ويرد أموال الناس إن بقيت، ويغرم بدلها إن لم تبق، أو يستحل المستحق، فيبرئه. اهـ
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى: 449989.
والله أعلم.