الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دام صاحب الحق موجودًا، ويمكن معرفته، والوصول إليه، أو إلى ورثته إن مات، فيجب إرجاع الحق إلى صاحبه، ولا يجزئ التصدق به عنه؛ لعموم الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الحاكم، ولم يتعقبه الذهبي.
قال الصنعاني في (سبل السلام): الحديث دليل على وجوب رد ما قبضه المرء، وهو ملك لغيره، ولا يبرأ إلا بمصيره إلى مالكه، أو من يقوم مقامه؛ لقوله: "حتى تؤديه"، ولا تتحقق التأدية إلا بذلك، وهو عام في الغصب، والوديعة، والعارية. اهـ.
ولكن لا يلزم إخبار صاحب الحق بسبب الاستحقاق، فإن أديت الحق إلى صاحبه بأي سبيل تيسر، أجزأ عنك، ولو أن ترسله إليه بوساطة غيرك، أو بحوالة، أو نحو ذلك.
وهنا ننبه على أن العمل الذي ذكره السائل (القمسيون) سبيله سبيل الوكالة عن التجار، على ما يظهر، وإن كان كذلك، فلا يجوز له دعم التجار بماله، ثم خصم هذا المال من إرساليات أخرى، فإن الوكيل يجب عليه أن يتقيد بحدود الوكالة، ولا يخرج في تصرفاته عن إذن موكله.
قال ابن قدامة في المغني: لا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله، من جهة النطق، أو من جهة العرف؛ لأن تصرفه بالإذن، فاختص بما أذن فيه، والإذن يعرف بالنطق تارة، وبالعرف أخرى، ولو وكل رجلًا في التصرف في زمن مقيد، لم يملك التصرف قبله، ولا بعده؛ لأنه لم يتناوله إذنه مطلقًا، ولا عرفًا .اهـ.
وجاء في (الموسوعة الفقهية الكويتية): تتعلق بالوكيل أحكام، منها:
الأول: أن يقوم الوكيل بتنفيذ الوكالة في الحدود التي أذن له الموكل بها، أو التي قيده الشرع، أو العرف بالتزامها.
الثاني: موافاة الموكل بالمعلومات الضرورية، وتقديم حساب عن الوكالة ... .اهـ.
والله أعلم.