الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت مستحقا للزكاة بوصف الفقر، أو بوصف المسكنة عندما أعطاك قريبك تلك الزكاة فقد ملكتها. ولا يلزمك رد ما بقي منها لديك، فالفقير والمسكين يملكان الزكاة بقبضها، ولا يلزمهما ردها إن حصل لهما غنى بعد القبض.
جاء في الشرح الكبير على المقنع: أصْنافُ الزَّكاةِ قسمان:
قسمٌ يَأْخُذُونَ أخْذا مُستَقِرًّا، فلا يُراعَى حَالُهم بعدَ الدَّفْع، وهم: الفُقراءُ، والمَساكِينُ، والعامِلُون، والمُؤَلَّفَةُ. فمتى أخَذُوها مَلَكُوها مِلْكًا مُسْتَقِرًّا، لا يَجبُ عليهم رَدُّها بِحَالٍ.
وقِسْمٌ يَأْخُذُون أخْذًا مُراعًى، وهم أَرْبَعَةٌ: المُكاتَبُون، والغارِمُون، والغُزَاةُ، وابنُ السَّبِيلِ. فإن صَرَفُوه في الجِهَةِ التي اسْتَحَقُّوا الأخْذَ لأجْلِها، وإلَّا اسْتُرْجِعَ منهم.
والفَرْقُ بينَ هذا القِسْمِ والذي قَبْلَه، أنَّ هؤلاء أخَذُوا لمَعْنًى لم يَحْصُلْ بأخْذِهم للزكاةِ.
والقِسم الأوَّلُ حَصَل المَقْصُودُ بأخْذِهم، وهو غِنَى الفُقراءِ والمَساكِينِ، وتَألِيفُ المُؤَلَّفِين، وأداءُ أجْرِ العامِلِين.
وإن قَضَى المذْكُورُون في القِسْمِ الثَّانِي حاجَتَهم، وفَضَل معهم فَضْلٌ رَدُّوا الفَضْلَ؛ لأنَّهم أخَذُوه لِلحاجَةِ، وقد زَالَتْ. اهـ.
وإن لم تكن مستحقا للزكاة فإنك لا تستحق ما أخذته ولا تملكه، ويتعين عليك رده كله وليس ما فضل فحسب.
قال صاحب مطالب أولي النهى -من كتب الحنابلة-: وَحَيْثُ دُفِعَتْ الزَّكَاةُ لِغَيْرِ مُسْتَحَقِّهَا؛ لِجَهْلِ دَافِعٍ بِهِ. وَجَبَ عَلَى آخِذِهَا رَدُّهَا لَهُ بِنَمَائِهَا مُطْلَقًا مُتَّصِلًا كَانَ كَالسِّمَنِ، أَوْ مُنْفَصِلًا كَالْوَلَدِ، لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ. وَإِنْ تَلِفَتْ الزَّكَاةُ بِيَدِ قَابِضِهَا مَعَ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ، فَمِنْ ضَمَانِهِ فَيَغْرَمُ مِثْلَ مِثْلِيٍّ، وَقِيمَةَ مُتَقَوِّمٍ، لِبُطْلَانِ قَبْضِهِ. اهـ.
وانظر الفتوى: 128146 في حد الفقير والمسكين المستحق للزكاة.
والله أعلم.