الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن القنوت في صلاة الفجر محل خلاف بين أهل العلم، وقد استدل من قال بمشروعيته ببعض الأحاديث الصريحة التي صححها كثير من أهل العلم. يقول الإمام النووي في المجموع:
واحتج أصحابنا بحديث أنس -رضي الله عنه-" أن النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم- قنت شهرا يدعو عليهم، ثم ترك، فأما في الصبح، فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا" حديث صحيح، رواه جماعة من الحفاظ، وصححوه، وممن نص على صحته الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي البلخي، والحاكم أبو عبد الله في مواضع من كتبه، والبيهقي، ورواه الدارقطني من طرق بأسانيد صحيحة، وعن العوام بن حمزة قال: سألت أبا عثمان عن القنوت في الصبح، قال: بعد الركوع، قلت: عمن؟ قال: عن أبي بكر، وعمر، وعثمان -رضي الله تعالى عنهم-، رواه البيهقي، وقال: هذا إسناد حسن، ورواه البيهقي عن عمر -أيضا- من طرق، وعن عبد الله بن معقل - بفتح الميم، وإسكان العين المهملة، وكسر القاف - التابعي قال: قنت علي -رضي الله عنه- في الفجر. رواه البيهقي، وقال، هذا عن عليّ صحيح مشهور، وعن البراء -رضي الله تعالى عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقنت في الصبح، والمغرب" رواه مسلم، ورواه أبو داود، وليس في روايته ذكر المغرب، ولا يضر ترك الناس القنوت في صلاة المغرب؛ لأنه ليس بواجب، أو دل الاجماع على نسخه فيها إلى آخر كلامه. انتهى.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار: والأكثر عن عمر بن الخطاب أنه كان يقنت في الصبح، وروي ذلك عنه من وجوه متصلة صحاح. اهـ.
وهل يجهر به، أو يسر؟ قال النووي -أيضا- في المجموع: وفي الجهر بالقنوت أحاديث كثيرة، صحيحة سنذكرها -إن شاء الله تعالى- قريبا في فرع مذاهب العلماء في القنوت. اهـ .
والمستحب عند المالكية الإسرار به، قياسا على سائر الأدعية. جاء في الفواكه الدواني للنفراوي المالكي: ويستحب أن يكون سرًّا؛ لأنه دعاء، فيطلب إخفاؤه. اهـ.
وقال القرافي المالكي في الذخيرة: وأما عدمُ الجهر، فقياسا على سائر الأدعية. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 64087
والله أعلم.