الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك السفر لمواطن الخطر بحجة التطوع لمساعدة المنكوبين من دون إذن الوالدين، ورضاهما، طالما أنَّ ذلك العمل لم يتعين عليك. فالجهاد الذي هو أفضل العمل، وذروة سنام الإسلام - يُشترط فيه إذن الوالدين، والاطمئنان إلى رضاهما؛ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْجِهَادِ، فَقَالَ: أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ، رواه البخاري، ومسلم.
وقال الإمام العز بن عبد السلام في كتابه (قواعد الأحكام في مصالح الأنام): حَرُمَ عَلَى الْوَلَدِ الْجِهَادُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا؛ لِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِمَا مِنْ تَوَقُّعِ قَتْلِهِ، أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، وَلِشِدَّةِ تَفَجُّعِهِمَا عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ أُلْحِقَ بِذَلِكَ كُلُّ سَفَرٍ يَخَافَانِ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ. انتهى.
فإذا تركت التطوع في هذه الهيئة الإغاثية المذكورة برًا بوالديك - فالمرجو من الله -تعالى- أن يجمع لك بين الأجرين جميعًا؛ أجر نيتك الصالحة في التطوع لخدمة المجاهدين الصابرين، وأجر بر الوالدين.
والله أعلم.