الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الزواج من امرأة مريضة بالهربس، ففي «الفتاوى الكبرى لابن تيمية»: ولم نعلم مخالفا في أن أحد الزوجين إذا كان معيبا بعيب مشترك، كالجنون، والجذام، والبرص، أو مختصا كالجب، والعنة، أو الرتق، والفتق، ولم يعلم الآخر أن النكاح صحيح، مع أن تدليس هذا العيب عليه حرام، وإن كان أحد الزوجين هو المدلس. انتهى.
ومخالطة أصحاب الأمراض المعدية للصحيح بإذنه جائزة، جاء في «مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى»: (ويمنع أبرص، ومجذوم يتأذى به) من حضور مسجد، وجماعة، (فلا يحل لمجذوم مخالطة صحيح بلا إذنه)، أي: الصحيح. فإن أذن بذلك؛ جاز له مخالطته، لحديث «لا طيرة، ولا عدوى» الحديث. (وعلى ولي أمر منعه)، أي: المجذوم من مخالطة الأصحاء؛ لحديث «فر من المجذوم فرارك من الأسد». قال الحافظ ابن حجر: والجمع بين الحديثين حديث «لا عدوى»، هو المعمول به، والمعمول عليه. وحديث: «فر من المجذوم»، ونحوه؛ فيه النهي عن مخالطته؛ لئلا يكون قدر الله على المختلط به مثل دائه، فإذا أصابه ظن أنه من العدوى، فربما نسب له تأثيرا .اهـ.
ثم إن مقصود النكاح ليس محصورا في الجماع، فقد يحصل النكاح لمقاصد أخرى، وعامة العلماء على صحة نكاح المريض مرض الموت، ومثل هذه الحالة من الشدة والكرب لا يكاد يحتاج فيها إلى الجماع.
فقد سئل ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: عن مريض تزوج في مرضه، فهل يصح العقد؟
فأجاب: نكاح المريض صحيح، ترث المرأة في قول جماهير علماء المسلمين من الصحابة، والتابعين، ولا تستحق إلا مهر المثل؛ لا تستحق الزيادة على ذلك بالاتفاق .اهـ.
لكن مع ذلك: فإن مقتضى الحكمة، والعقل اجتناب الزواج من المصاب بالأمراض المعدية، خشية انتقال المرض بإذن الله -تعالى-؛ ولأن المرء قد يظن من نفسه عدم المبالاة بالمرض، والصبر عليه، فإذا تم النكاح تندم، وتحسر، وتغير رأيه.
والله أعلم.