الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن نوى القصر حيث لا يباح له القصر لم تصح صلاته.
قال البهوتي في الروض: وإن نوى مسافر القصر حيث لم يبح لم تنعقد صلاته، كما لو نواه مقيم. انتهى.
وأبدى بعض العلماء كالرحيباني في شرح الغاية صحة انعقادها، لكن نفلا.
وبكل حال؛ فصلاتك هذه لا تصح فرضًا؛ لأنك نويت قصرها حيث لم يبح، ومن ثَمَّ؛ فالواجب عليك إعادتها، ويجب عليك كذلك إعادة العشاء؛ لأن بطلان الأولى من المجموعتين تبطل به الثانية.
قال البهوتي في شرح الإقناع: إذَا بَانَ فَسَادُ الْأُولَى بَعْدَ الْجَمْعِ بِنِسْيَانِ رُكْنٍ أَوْ غَيْرِهِ بَطَلَتْ، وَكَذَا الثَّانِيَةُ، فَلَا جَمْعَ، وَلَا تَبْطُلُ الْأُولَى بِبُطْلَانِ الثَّانِيَةِ. انتهى.
ومن ثَمَّ؛ فالواجب عليك أن تعيد هاتين الصلاتين، وأما المأمومون فلا تجب عليهم الإعادة -إن شاء الله-؛ لأن نيتك المذكورة أمر خفي لا اطلاع لهم عليه، فلا تبطل صلاتهم بعدم علمهم به. وهذا مذهب الشافعية، وهو الذي نختاره.
قال ابن حجر الهيتمي -الشافعي- في الفتاوى الفقهية الكبرى: كُل مُبْطِلٍ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاع عَلَيْهِ إذَا طَرَأَ -كَنِيَّةِ الْقَطْعِ- لَا يُؤَثِّرُ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُوم، بِخِلَافِ مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاع عَلَيْهِ، وَلَوْ بِوَجْهٍ مَا. انتهى.
والله أعلم.