الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالرشوة المحرمة هي ما يُعطى لدفع حق، أو لتحصيل باطل، وأما ما يُعطى لدفع ظلم، أو تحصيل حق، فلا يحرم على المعطي، وإنما يحرم على الآخذ، وراجع في ذلك الفتويين: 17929، 307339.
وقول السائل: استعملت فيها دفع مبلغ من المال رشوة؛ لم نستطع أن نجزم بمراده به، مع وصفه لأمواله بكونها حلالا! فإن كان يريد بذلك أن طريقة كسبه للمال مباحة في ذاتها، ولكنه دفع رشوة ليتوصل بها إلى هذه الطريقة المباحة في كسب ماله، فالمال مباح في ذاته، لكونه مكتسبا بطريقة مباحة، وأما الرشوة: فيرجع في تفصيل حكمها لما صدرنا به الفتوى.
وأما مسألة الخروج من الشبهة، فيكون بتجنب دفع الرشوة، وإن كان في دفعها رخصة، وأما المال الحلال المكتسب بالطرق المباحة، إذا توسل صاحبه في كسبه المباح بدفع رشوة، فلا يتخلص منه بالصدقة على سبيل الورع، إلا من كان ذلك لائقا بحاله إجمالا، فإن التدقيق في التوقف عن الشبهات، إنما يصلح لمن استقامت أحواله كلها، وتشابهت أعماله في التقوى، كما قال الحافظ ابن رجب، وراجع في ذلك الفتاوى: 383350، 442336، 314395.
والله أعلم.