الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز دفن ميت آخر في القبر، لا معه، ولا بعده، ولا يجوز فتح القبر، ونبشه لدفن غير الميت فيه، هذا هو الأصل، كما بيناه في الفتوى: 245584
قَالَ ابن الحاج المالكي: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُ: وَقْفٌ عَلَيْهِ، مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْهُ مَوْجُودًا فِيهِ، حَتَّى يَفْنَى، فَإِنْ فَنِيَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ دَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ، فَإِنْ بَقِيَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ فَالْحُرْمَةُ بَاقِيَةٌ لِجَمِيعِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْفَرَ عَنْهُ، وَلَا يُدْفَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَا يُكْشَفَ عَنْهُ اتفاقا. انتهى.
فإن دعت لذلك ضرورة جاز، قال ابن حجر في التحفة: ويحرم أيضا إدخال ميت على آخر وإن اتحدا قبل بلا جميعه.... إلا ضرورة بأن كثر الموتى، وعسر إفراد كل ميت بقبر. انتهى.
وحيث دعت الضرورة لذلك، فالأولى دفن الرجل مع الرجال، ويكره دفنه مع النساء، كما بيناه في الفتوى: 146321.
وعليه؛ فقد كان الواجب دفن أبيك في قبر مستقل، وحيث تعذر، فكان الأولى دفنه مع الرجال، وإذ قد وقع ما وقع جهلا منك، فنرجو أنه لا إثم عليك-إن شاء الله- وأما هما: فلا يعذبان بذلك، ولا يتضرران به إن شاء الله.
والله أعلم.