الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الزنى خطره عظيم، وخطبه وخيم، وانظر الفتوى: 156719، لكن إذا تبت توبة نصوحا، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وعليك -إن كانت توبتك صادقة- أن تأخذ بجميع أسباب البعد عن الفاحشة، وعدم مواقعتها مرة أخرى.
وأول ذلك أن تقطع كل علاقة لك بهذه الفتاة، وتسد كل الأبواب المفضية إلى الوصول إليها بالكلام، أو النظر، أو غير ذلك، فإن النفس أمارة بالسوء، ويخشى إن تساهلت في مبادىء هذا الأمر أن ينتهي بك إلى ما لا تحمد عاقبته -والعياذ بالله-.
وإذا دعتك الفتاة إلى نفسها، فصبرت نفسك على طاعة الله، وامتنعت عن مواقعتها، فيرجى أن تكون ممن نهى نفسه، وكبح جماحها عن الهوى، لكن عليك ألا تلقي بنفسك في الفتن زاعما لها أنك تقدر على الصبر، فليس هذا بالرأي الرشيد، بل الصواب أن تبتعد عن الفتن، وأن تسيء الظن بنفسك، وتخشى عليها ملابسة المحظور، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- من سمع بالدجال أن ينأى عنه، وهكذا كل من عرضت له الفتن، فعليه أن يتجنبها، ولا يتعرض لها.
ونقل ابن مفلح في الفروع عن بعض أشياخ الشام قوله: من أعطى من نفسه أسباب الفتنة أولا لم ينج منها آخرا، وإن كان جاهدا.انتهى.
فلا تعط من نفسك أسباب الفتنة، وابتعد عنها ما وسعك، وسل الله النجاة، والعصمة، فإنه لا ينجي، ولا يصرف السوء والفحشاء إلا الله -جل اسمه-.
والله أعلم.