الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسجين داخل السجن إذا عدم الماء عليه بذل جهده في تحصيله بطلبه من القائمين على السجن أو بوسيلة أخرى مشروعة، فإن لم يجده بعد بذل الجهد فيحق له حينئذ التيمم لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا [النساء:43].
والصعيد اختلف في معناه أهل العلم، فعند الحنابلة والشافعية هو التراب فقط، وعند المالكية والحنفية هو كل ما كان من جنس الأرض، قال ابن قدامة في المغني: وقال مالك وأبو حنيفة يجوز بكل حال ما كان من جنس الأرض كالنورة والزرنيخ والحجارة وقال الأوزاعي الرمل من الصعيد.
وقال حماد بن أبي سليمان: لا بأس أن يتيمم بالرخام لما روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً. انتهى.
وعليه فيجوز التيمم على الجدار إذا كان من جنس الأرض عند المالكية والحنفية، فإذا لم يكن الجدار من جنس الأرض مثلا أو لم يجد ما يتيمم عليه صلى على حاله لعجزه، وليس عليه إعادة تلك الصلوات التي صلاها بلا ماء ولا تراب لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [التغابن:16].
والله أعلم.