الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن من أهم مقاصد الشرع أن يكون المسلمون على ألفة، ومودة، قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {الحجرات: 10}، وروى مسلم في صحيحه عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر، والحمى. وتتأكد مثل هذه المعاني بين من لهم علاقة خاصة كذوي الرحم؛ لما بينهم من هذه الرابطة القوية، وهي الرحم التي أمر الله أن توصل، ونهى عن قطيعتها، قال الله سبحانه: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا {النساء: 1}، أي اتقوا الأرحام، فلا تقطعوها.
فوصيتنا لكما بالحرص على الصلة بينكما، وأن لا تتركا للشيطان مدخلا لإلقاء العداوة بينكما، فالشيطان عدو الإنسان، وهو حريص على زرع الفتنة، والشقاق، قال تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر: 6}، وروى مسلم في صحيحه عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيئ أحدهم فيقول: فعلت كذا، وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال: ثم يجيىء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه، وبين امرأته - قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت. وهو مذكور تحت باب:( باب تحريش الشيطان، وبعثه سراياه؛ لفتنة الناس ).
وقد أحسنت بتفهمك لما تقوم به بنات أختك من إخفاء بعض أحوالهن، وقد يكون لهن مصلحة في ذلك، ولعلك يكون خيرا لك أن لا تعلمي هذه الأحوال، ويحسن أن لا تتبعي نفسك ذلك، فقد ثبت في الحديث عن علي بن حسين عن أبيه -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
وإذا حدث شيء من النفور بينك، وبين أختك، فقد ينعكس ذلك على العلاقة بين أولادك، وأولادها، ولذلك نوصي بالاجتهاد في أن تكون العلاقة بينك، وبين أختك على أحسن حال في التزاور، والتواصل، والتهادي، فإن رأى الأولاد منكما ذلك انعكس على حسن العلاقة بينهم.
والله أعلم.