الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعتبر في حنثك في اليمين المذكورة في السؤال؛ هو قصدك، ونيتك بما تلفظت به؛ فالراجح عندنا؛ أنّ النية في اليمين تخصص العام، وتقيد المطلق؛ قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له....... والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها: أن ينوي بالعام الخاص.......
ومنها: أن يحلف على فعل شيء، أو تركه مطلقا، وينوي فعله، أو تركه في وقت بعينه. انتهى مختصرا.
وعليه؛ فما دمت لم تقصد بيمينك منع زوجتك من مكالمة الرجال، ومراسلتهم عند الحاجة على وجه مباح، ولكن قصدت منعها من الكلام، والمراسلة على وجه مريب؛ فلا تحنث في يمينك بمكالمة زوجتك، أو مراسلتها للرجال الأجانب على وجه غير مريب، ولا يقع طلاقك عليها بذلك، وانظر الفتوى: 482236
واعلم أنّ هذا المسلك الذي سلكته مع زوجتك غير قويم، فتعليق الطلاق، والتهديد به ليس هو السبيل الرشيد لإصلاح الزوجة، والحفاظ عليها، ولكن على الرجل أن يقوم بحقّ القوامة على زوجته، ويسدّ عليها أبواب الفتن، ويجنبها مواطن الريبة، ويحسن الظنّ بها، كما أنّ الغيرة إذا جاوزت حدها، وكانت في غير ريبة؛ كانت مذمومة، وأفسدت، وأوقعت فيما لا يحمد عقباه، وراجع الفتوى: 446509.
وننوّه إلى أنّ الأصل في عمل المرأة أن يكون في مكان لا يختلط فيه الرجال بالنساء، فالواقع شاهد بمفاسد هذا الاختلاط، وما يترتب عليه من بلايا، ومصائب.
وإذا احتاجت المرأة إلى العمل في مكان تخالط فيه الرجال؛ فعليها أن تقف عند حدود الله تعالى، وتراعي ضوابط الشرع في معاملة الرجال الأجانب؛ فعليها اجتناب الخلوة، والاختلاط المريب، والاقتصار في التعامل معهم على قدر الحاجة، والحرص على غض البصر، وراجع الفتوى: 386785.
والله أعلم.